SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
مع الأنبياء

معالم التوحيد في دعوة إبراهيم عليه السلام (1)

إبراهيم عليه السلام
إبراهيم عليه السلام

بتاريخ: 2020-12-20 08:58:50

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

إذا ذكر التوحيد والدعوة إليه بالحجة والبرهان والدليل الدامغ وبذل الوسع والجهد، فحتمًا يكون الحديث عن إبراهيم عليه السلام، الذي اصطفاه ربه وأكرمه بالرسالة، وجعله من أولي العزم من الرسل، وجعل في ذريته النبوة والكتاب.

ونقف هنا وقفات مع خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، نعرج فيها على نشأته والبيئة التي ظهر فيها، والاصطفاء بالرسالة، ثم من بعد ذلك بمشية الله تكون وقفات في معالم دعوته إلى التوحيد.

التعريف بإبراهيم عليه السلام:

ذكر ابن جرير في تاريخه: أن مولده كان في زمن النُّمْرُوذ بن كنعان، وهو - فيما قيل - الضحاك الملك المشهور، الذي يقال إنه ملك ألف سنة، وكان في غاية الغشم والظلم. وذكر أنه من بني راسب الذين بعث إليهم نوح عليه السلام، وأنه كان إذ ذاك ملك الدنيا، وذكروا أنه طلع نجم أخفى ضوء الشمس والقمر، فهال ذلك أهل ذلك الزمان وفزع النمرود، فجمع الكهنة والمنجمين وسألهم عن ذلك، فقالوا: يولد مولود في رعيتك يكون زوال ملكك على يديه.

فأمر عند ذلك بمنع الرجال عن النساء، وأن يقتل المولودون من ذلك الحين، فكان مولد إبراهيم في ذلك الحين، فحماه الله عز وجل وصانه من كيد الفجار، وشب شبابًا باهرًا وأنبته الله نباتًا حسنًا.

وكان مولده بالسوس، وقيل ببابل، وقيل بالسواد من ناحية كوثى، وهو موضع بسواد العراق. وعن ابن عباس أنه ولد ببرزة شرقي دمشق. فلما أهلك الله نمرود على يديه هاجر إلى حران، ثم إلى أرض الشام، وأقام ببلاد إيليا[1].

* نشأة إبراهيم عليه السلام:

ذكر القرآن الكريم لمحة عن الجو الذي نشأ فيه إبراهيم عليه السلام، كما ورد في قوله تعالى:

((وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)) (الأنعام:74)

 "واختلف أهل العلم في المعنيّ بـ"آزر"، وما هو، اسم هو أم صفة؟ وإن كان اسمًا، فمن المسمى به؟

 - فقال بعضهم: هو اسم أبيه

 - قال آخرون: إنه ليس أبا إبراهيم، وإنما هو اسم الصنم

 - وقال آخرون: هو سبٌّ وعيب بكلامهم، ومعناه: معوَجٌّ. كأنه تأوّل أنه عابه بزَيْغه واعوجاجه عن الحق.

 فأولى القولين بالصواب منهما قولُ من قال:"هو اسم أبيه"، لأن الله تعالى ذكره أخبر أنه أبوه، وهو القول المحفوظ من قول أهل العلم، دون القول الآخر الذي زعم قائلُه أنه نعتٌ،...، وغير محال أن يكون له اسمان، كما لكثير من الناس في دهرنا هذا، وكان ذلك فيما مضى لكثير منهم. وجائز أن يكون لقبًا يلقّب به[2].

وأيد هذا القول ابن كثير، حيث عقب على قول الطبري هذا بقوله "وهذا الذي قاله جيد قوي والله أعلم".[3]

وهنا رسم القرآن في لمحة خاطفة البيئة التي أحاطت بإبراهيم عليه السلام، فالأب من عبدة الأصنام، بل هو صناع الأصنام الذي يعكفون على صنعها وبيعها، وقد اكتسب من صنعته هذه مكانة مرموقة في قومه الذين كانوا كذلك يعكفون على عبادة هذه الأصنام والتماثيل.

* النبوة والاصطفاء:

وفي هذه البيئة التي تعج بالشرك أرسل الله تبارك وتعالى إبراهيم عليه السلام بالنبوة والرسالة، قال تعالى ((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا)) [مريم:41] فقد "جمع الله له بين الصديقية والنبوة. فالصديق: كثير الصدق، فهو الصادق في أقواله وأفعاله وأحواله، المصدق بكل ما أمر بالتصديق به، وذلك يستلزم العلم العظيم الواصل إلى القلب، المؤثر فيه، الموجب لليقين، والعمل الصالح الكامل، وإبراهيم عليه السلام، هو أفضل الأنبياء كلهم بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الأب الثالث للطوائف الفاضلة، وهو الذي جعل الله في ذريته النبوة والكتاب، وهو الذي دعا الخلق إلى الله، وصبر على ما ناله من العذاب العظيم، فدعا القريب والبعيد، واجتهد في دعوة أبيه، مهما أمكنه"[4].

وزاده ربنا رفعه وقدرًا  فجعله من أولي العزم من الرسل، كما قال تعالى:

 ((وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا))[الأحزاب: ٧].

فهنا "يخبر تعالى أنه أخذ من النبيين عمومًا، ومن أولي العزم - وهم، هؤلاء الخمسة المذكورون - خصوصًا، ميثاقهم الغليظ وعهدهم الثقيل المؤكد، على القيام بدين الله والجهاد في سبيله، وأن هذا سبيل، قد مشى الأنبياء المتقدمون، حتى ختموا بسيدهم وأفضلهم، محمد صلى الله عليه وسلم، وأمر الناس بالاقتداء بهم"[5].

 وقال تعالى:

 ((شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيْهِ))[الشورى: 13].

"فذكر أول الرسل بعد آدم وهو نوح عليه السلام، وآخرهم وهو محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر ما بين ذلك من أولي العزم، وهم: إبراهيم وموسى وعيسى بن مريم، وهذه الآية انتظمت ذكر الخمسة،...، والدين الذي جاءت به الرسل كلهم، هو عبادة الله وحده لا شريك له"[6].

"ووجه تخصيصهم بالذكر الإعلام بأن لهم مزيد شرف وفضل لكونهم من أصحاب الشرائع المشهورة، ومن أولي العزم من الرسل "[7].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:

 (خيار ولد آدم خمسة: نوح، وإبراهيم، وعيسى، وموسى، ومحمد صلى الله عليه وسلم، وخيرهم محمد صلى الله عليه وسلم وصلى الله وسلم عليهم أجمعين).[8]

وإلى هنا تنتهي اللمحة الخاطفة من نشأة إبراهيم عليه السلام واصطفائه بالرسالة، والتي تعد توطئة وتمهيدًا لبيان معالم التوحيد في دعوته.

[1] انظر: تاريخ الطَّبَرِيّ (1/ 122)، وانظر أيضا: قصص الأنبياء لابن كثير (1/249)

[2] جامع البيان في تأويل القرآن (11/466)، مختصرًا

[3] مختصر تفسير ابن كثير (1/591).

[4] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان )494(

[5] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان )659(

[6] مختصر تفسير ابن كثير )2/272(

[7] تفسير فتح القدير) 4/304)

[8]  [أخرجه البزار. انظر كشف الأستار (3 / 114)، والهيثمي في المجمع (8 / 255) وقال: "رجاله رجال الصحيح"، والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي، المستدرك للحاكم: 2 / 546].

مرات القراءة: 821

مرات الطباعة: 5

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك