SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
هدى ونور

وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ

وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ

بتاريخ: 2019-02-04 07:06:51

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

قال تعالى: }وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ {[البقرة: 23 - 24]

فيهما دليل عقلي على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحة ما جاء به، يقول تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ} -معشر المعاندين للرسول، الرادين دعوته، الزاعمين كذبه- في شك واشتباه مما نزلنا على عبدنا، فها هنا أمر نصف، فيه الفيصل بينكم وبينه، وهو أنه بشر مثلكم، وأنتم تعرفونه منذ نشأ بينكم، لا يكتب ولا يقرأ، فأتاكم بكتاب زعم أنه من عند الله - تعالى - وقلتم أنتم أنه تقوَّله وافتراه، فإن كان الأمر كما تقولون، فأتوا بسورة من مثله، واستعينوا بمن تقدرون عليه من أعوانكم وشهدائكم، فإن هذا أمر يسير عليكم، خصوصًا وأنتم أهل الفصاحة والخطابة والعداوة العظيمة للرسول.

وفي وصف الرسول بالعبودية في هذا المقام العظيم دليل على أن أعظم أوصافه صلى الله عليه وسلم، قيامه بالعبودية، التي لا يلحقه فيها أحد من الأولين والآخرين، كما وصفه بالعبودية في مقام الإسراء، فقال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1]وفي مقام الإنزال، فقال: {تَبَارَكَ الَّذِي نزلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ{ [الفرقان: 1].

قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير قوله تعالى }وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ { أي: أعوانكم، وقال السدي عن أبي مالك: شركاءكم، أي قومًا آخرين يساعدونكم على ذلك، أي استعينوا بآلهتكم في ذلك يمدونكم وينصرونكم، وقال مجاهد: ناس يشهدون به يعني حكام الفصحاء.

وقوله تعالى: }فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا{ أي: فإن جئتم بسورة من مثله، فهو كما زعمتم، وإن لم تأتوا بسورة من مثله وعجزتم غاية العجز، ولن تأتوا بسورة من مثله، ولكن هذا التقييم على وجه الإنصاف والتنزل معكم، فهذا آية كبرى، ودليل واضح جلي على صدقه وصدق ما جاء به.

فهذه أيضًا معجزة أخرى، وهو أنه أخبر خبرًا جازمًا قاطعًا مقدمًا غير خائف ولا مشفق أن هذا القرآن لا يعارض بمثله أبد الآبدين، ودهر الداهرين، وكذلك وقع الأمر لم يعارض من لدنه إلى زماننا هذا ولا يمكن، وأنى يتأتى ذلك لأحد والقرآن كلام الله خالق كل شيء، وكيف يشبه كلام الخالق كلام المخلوقين؟!

}فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ{: أي فيتعين عليكم اتباعه، واتقاء النار التي بلغت في الحرارة والشدة، أن كانت وقودها الناس والحجارة، وقيل المراد بها حجارة الأصنام والأنداد التي كانت تعبد من دون الله، وهي ليست كنار الدنيا التي إنما تتقد بالحطب، وهذه النار الموصوفة معدة ومهيأة للكافرين بالله ورسله، فاحذروا الكفر برسوله - صلى الله عليه وسلم -، بعد ما تبين لكم أنه رسول الله.

وهذه الآيات ونحوها يسمونها آيات التحدي، وهو تعجيز الخلق أن يأتوا بمثل هذا القرآن، قال تعالى {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا{ [الإسراء: 88]

وكيف يقدر المخلوق من تراب، أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب؟

أم كيف يقدر الناقص الفقير من كل الوجوه، أن يأتي بكلام ككلام الكامل، الذي له الكمال المطلق، والغنى الواسع من كل الوجوه؟

هذا ليس في الإمكان، ولا في قدرة الإنسان، وكل من له أدنى ذوق ومعرفة بأنواع الكلام إذا وزن هذا القرآن العظيم بغيره من كلام البلغاء ظهر له الفرق العظيم.

وفي قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ ...} إلى آخره دليل على أن الذي يرجى له الهداية من الضلالة هو الشاك الحائر الذي لم يعرف الحق من الضلال، فهذا إذا بين له الحق فهو حري بالتوفيق إن كان صادقًا في طلب الحق.

وأما المعاند الذي يعرف الحق ويتركه فهذا لا يمكن رجوعه، لأنه ترك الحق بعد ما تبين له، لم يتركه عن جهل، فلا حيلة فيه.

وكذلك الشاك غير الصادق في طلب الحق، بل هو مُعْرِض غير مجتهد في طلبه، فهذا في الغالب أنه لا يوفق.

وفي قوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} ونحوها من الآيات دليل لمذهب أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار مخلوقتان خلافًا للمعتزلة.

وقد استدل كثير من أئمة السنة بهذه الآية أيضًا على أن النار موجودة الآن لقوله تعالى: }أُعِدَّتْ{: أي أُرصدت وهُيئت، وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك منها: "تحاجت الجنة والنار" ومنها: "استأذنت النار ربها فقالت: رب أكل بعضي بعضًا؛ فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف".

وفيها أيضًا أن الموحدين -وإن ارتكبوا بعض الكبائر- لا يخلَّدون في النار، لأنه قال: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} فلو كان عُصاة الموحدين يخلدون فيها لم تكن معدَّة للكافرين وحدهم، خلافًا للخوارج والمعتزلة.

وفيها دلالة على أنَّ العذابَ مستحقٌ بأسبابه، وهو الكفر وأنواع المعاصي على اختلافها.

مرات القراءة: 803

مرات الطباعة: 1

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك