SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
هدى ونور

سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ

سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ
سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ

بتاريخ: 2019-03-18 07:40:14

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

عن جرير بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

كُنَّا عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَنَظَرَ إلى القَمَرِ لَيْلَةً - يَعْنِي البَدْرَ - فَقَالَ: إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كما تَرَوْنَ هذا القَمَرَ، لا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ الغُرُوبِ} [ق: 39].

(صحيح البخاري: 554)

قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كما تَرَوْنَ هذا القَمَرَ": معنى التشبيه: إنكم ترونه رؤية محققة لا شك فيها، ولا مشقة، ولا خفاء كما ترون القمر كذلك، فهو تشبيه للرؤية بالرؤية لا المرئيّ بالمرئي؛ وإنما شبه الرؤية برؤية البدر لمعنيين:

- أحدهما: أن رؤية القمر ليلة البدر لا يشك فيه ولا يمترى.

 - والثاني: يستوي فيه جميع الناس من غير مشقة.

وقوله "لا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ": أي: لا يضام بعضكم بعضًا كما يفعل الناس في طلب الشيء الخفي الذي لا يسهل دركه فيتزاحمون عنده يريد أن كل واحد منكم وادع مكانه لا ينازعه رؤيته أحد.

 والآخر لا يضامون من الضيم أى: لا يخالف بعضكم بعضًا في رؤيته.

 وقول النبي صلى الله عليه وسلم عقبه: (فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا.. فَافْعَلُوا) لا تُغلبوا بأن تستعدوا لقطع أسباب الغلبة المنافية للاستطاعة من نوم أو شغل.

وجاء بلفظ المجهول والتعقيب بكلمة الفاء ليدل على أن الرؤية قد يرجى نيلها بالمحافظة على هاتين الصلاتين الصبح والعصر؛ وذلك لتعاقب الملائكة في وقتيهما أو لأن وقت صلاة الصبح وقت لذيذ النوم، وصلاة العصر وقت الفراغ من الصناعات وإتمام الوظائف فالقيام فيهما أشق على النفس والمسلم إذا حافظ عليهما مع ما فيه من التثاقل والتشاغل فهو يحافظ على غيرهما بالطريق الأولى.

وقد قيل في مناسبة الأمر بالمحافظة على هاتين الصلاتين "صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِهَا" عقيب ذكر الرؤية: إن أعلى ما في الجنة رؤية الله - عز وجل - وأشرف ما في الدنيا من الأعمال هاتان الصلاتان، فالمحافظة عليهما يرجى بها دخول الجنة ورؤية الله - عز وجل - فيها.

وقيل: هو إشارة إلى أن دخول الجنة إنما يحصل بالصلاة مع الإيمان، فمن لا يصلي لا يدخل الجنة بل هو من أهل النار، ولهذا قال أهل النار لما قيل لهم: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 42، 43].

ويظهر وجه آخر في ذلك، وهو: أن أعلى أهل الجنة منزلة من ينظر في وجه الله - عز وجل - مرتين بكرة وعشيًا، وعموم أهل الجنة يرونه في كل جمعة في يوم المزيد، والمحافظة على هاتين الصلاتين على ميقاتهما ووضوئهما وخشوعهما وآدابهما يرجى به أن يوجب النظر إلى الله عز وجل في الجنة في هذين الوقتين.

ويدل على هذا ما روى ثوير بن أبي فاختة، قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمة وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوةً وعشيًا"، ثم قرأ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ* إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23].

وهذا الحديث نص في ثبوت رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة، كما دل على ذلك قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ*إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23] ، ومفهوم قوله في حق الكفار: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15].

قال الشافعي وغيره: لما حجب أعداءه في السخظ دل على أن أولياءه يرونه في الرضا.

وقد أجمع على ذلك السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان من الإئمة وأتباعهم.

وإنما خالف فيه طوائف أهل البدع من الجهمية والمعتزلة ونحوهم ممن يرد النصوص الصحيحة لخيالات فاسدة وشبهات باطلة، يخيلها لهم الشيطان، فيسرعون إلى قبولها منه، ويوهمهم أن هذه النصوص الصحيحة تستلزم باطلًا، ويسميه تشبيهًا أو تجسيمًا، فينفرون منه، كما خيل إلى المشركين قبلهم أن عبادة الأوثان ونحوها تعظيم لجناب الرب، وأنه لا يتوصل إليه من غير وسائط تعبد فتقرب إليه زلفا، وأن ذلك أبلغ في التعظيم والاحترام، وقاسه لهم على ملوك بني آدم، فاستجابوا لذلك، وقبلوه منه.

وإنما بعث الله الرسل وأنزل الكتب لإبطال ذلك كله، فمن اتبع ما جاءوا به فقد اهتدى، ومن أعرض عنه أو عن شيءٍ منه واعترض فقد ضل.

وفى الحديث أن رؤية الله - تعالى - ممكنة وأنها ستقع في الآخرة للمؤمنين كما هو مذهب أهل السنة والجماعة.

وفيه زيادة شرف الصلاتين، الفجر والعصر، وذلك لتعاقب الملائكة في وقتيها.

مرات القراءة: 980

مرات الطباعة: 3

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك