SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
هدى ونور

فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ

فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ
فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ

بتاريخ: 2019-03-25 21:30:21

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

عن عدي بن حاتم الطائي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما مِنكُم أحَدٌ إلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ ليسَ بيْنَهُ وبيْنَهُ تُرْجُمانٌ، فَيَنْظُرُ أيْمَنَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ مِن عَمَلِهِ، ويَنْظُرُ أشْأَمَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ، ويَنْظُرُ بيْنَ يَدَيْهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ تِلْقاءَ وجْهِهِ، فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ".

أخرجه البخاري (7512) واللفظ له، ومسلم (1016)

قوله: "ما مِنكُم أحَدٌ" الخطاب للصحابة، ويتناول جميع المؤمنين، سابقهم ولاحقهم، برهم وفاجرهم، إلى قيام الساعة.

وهو واضح الدلالة على عموم كلام الله - تعالى - للمؤمنين؛ لأن قوله: "ما مِنكُم أحَدٌ" نكرة سبقت بالنفي، فهي من صيغ العموم، غير أن قوله: "مِنكُم" يجوز أن يكون قيدًا في المؤمنين، ويخرج من ذلك العموم الكفار؛ لأنهم ليسوا منا.

"إلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ" والسين للاستقبال من الزمان؛ لأن هذا التكليم لا يكون إلا يوم القيامة.

وليس في وجود الصوت من الله - تعالى - تشبيه بمن يوجد الصوت منه من الخلق، كما لم يكن في إثبات الكلام له تشبيه بمن له كلام من خلقه، وكلام الله حروف، وأصوات.

فالله - تعالى - لم يزل متكلمًا إذا شاء، وإذا شاء تكلم بصوت يسمع، وبحروف، وكل ما قام بذات الله - تعالى - فليس بمخلوق، سواء كان قديمًا أو حادثًا، وكلامه - تعالى - وفعله متعلق بمشيئته وإرادته، هذا قول أهل السُّنَّة والجماعة.

"ليسَ بيْنَهُ وبيْنَهُ تُرْجُمانٌ" والترجمان: هو الواسطة بين اثنين أو أكثر الذي ينقل الكلام من لغة إلى أخرى، أو يبلغ عن المتكلم كلامه، والمقصود هنا أنه ليس بين العبد وربه أحد يبلغه عنه، لا من الملائكة ولا من البشر، بل الله - تعالى - هو الذي يتولى كلام عباده في ذلك الموقف بنفسه، فيحاسبهم على أعمالهم.

ومعنى ذلك أن العبد سيقف بين يدي الله - تعالى - يوم القيامة، فيحاسبه على ما كلفه به من دينه هل قام به، أو أهمله، ويحاسبه على أعماله، وكل تصرفاته، وذلك بدون واسطة من خلقه، بل هو - تعالى - يتولى ذلك بنفسه، فيكلم عبده ويسائله.

وفيه دليل على أن لله تعالى حجابًا يحتجب به عن خلقه، والأدلة على ذلك كثيرة، وأهل البدع ينكرون حجاب الله - تعالى -.

قال تعالى: {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143].

فتجليه للجبل يدل على أنه محتجب بحجاب كشف للجبل منه ما جعله دكًا.

وفي "صحيح مسلم" (179) عن أبي موسى الأشعري قال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".

وفي "صحيح مسلم" (181) عن صُهَيْبٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال يقول الله - تبارك وتعالى -: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتُنَجِّنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم - عز وجل".

والنصوص في إثبات الحجب لله - تعالى - كثيرة، يؤمن بها أتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويعلمون بما ورثوه من نور النبوة بأن الله - تعالى - احتجب بالنور، وبالنار، وبما شاء من الحجب، وأنه لو كشف عن وجهه الكريم الحجاب لما قام لنوره شيء من الخلق، بل يحترق، ولكنه تعالى في الدار الآخرة يكمل خلق المؤمنين ويقويهم على النظر إليه - تعالى - فينعمون بذلك، بل هو أعلى نعيمهم يوم القيامة.

فمن تأمل نصوص الكتاب والسُّنَّة وما ورد في ذلك من الآثار عن الصحابة والتابعين علم بالضرورة علمًا يقينًا لا يستريب فيه أن لله حجابًا، وحجبًا منفصلة عن العباد، يكشفها إذا شاء، فيتجلى، وإذا شاء لم يكشفها.

"فَيَنْظُرُ أيْمَنَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ مِن عَمَلِهِ، ويَنْظُرُ أشْأَمَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ" أي: أن أعماله تكون حاضرة عن يمينه، وعن شماله، فالحسنات عن يمينه، والسيئات على شماله، لا يغادره في ذلك الموقف شيء منها، ولهذا قال: "فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ"، وقد يكون كما قال ابن هبيرة: إنه ينظر عن يمينه وعن شماله، كحالة الذي دهمه أمر عظيم، فهو يتلفت يطلب النجاة، أو الغوث.

قوله: "ويَنْظُرُ بيْنَ يَدَيْهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ تِلْقاءَ وجْهِهِ" وذلك أن النار في ذلك الموقف حائلة بين الناس وبين الجنة، فلا بد من ورودها لكل أحد، ثم ينجي الله الذين اتقوا، ويذر الظالمين فيها جثيا.

ولهذا قال: "فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ" يعني: نصفها، والمقصود تقديم العمل الصالح الذي يكون واقيًا لصاحبه من النار، وساترًا له منها، وهذا يدل على وجوب تقديم العمل الصالح، المنبعث عن تقوى الله - تعالى - والإيمان به، وبملاقاته ومحاسبته، ويدل على نفع العمل الصالح ولو قل.

قال عدي - رضي الله عنه -: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد شق تمرة فبكلمة طيبة.

مرات القراءة: 787

مرات الطباعة: 2

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك