SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
هدى ونور

«إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا»

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

الدعاء روضة القلب، وأنس الروح ؛ فهو صلة بين العبد وربه، يستجلب به الرحمة، ويستعدي به على من ظلمه، ومن عظيم شأنه، وعلو مكانه، أن جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أصل العبادة ولبها.

وإذا كان للدعاء هذه المكانة العظيمة ؛ فإنّه ينبغي على العبد أن يأتي بالأسباب التي تجعله مقبولا عند الله تعالى، ومن جملة تلك الأسباب: الحرص على الحلال في الغذاء واللباس، وهذا ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أيها الناسُ، إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلا طيِّبًا، وإنَّ اللهَ أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}. [المؤمنون:51] وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة:172]. ثم ذكر الرجلَ يطيلُ السَّفرَ، أشعثَ أغبَرَ، يمدُّ يدَيه إلى السماءِ، يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومشربُه حرامٌ، وملبَسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام. فأَنَّى يُستجابُ لذلك؟" [رواه مسلم].

ولقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى حقيقة مهمة وهي: (إن الله طيب، لا يقبل إلا طيبا)، فبيّن أنه سبحانه وتعالى منزه عن كل نقص وعيب، فهو الطيب الطاهر المقدس، المتصف بصفات الكمال، ونعوت الجمال، ومادام كذلك، فإنه: (لا يقبل إلا طيبا)، فهو سبحانه إنما يقبل من الأعمال ما كان طيبا، خالصا من شوائب الشرك والرياء، كما قال سبحانه في محكم كتابه: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (الكهف:110)، كما أنّه تعالى لا يقبل من الأموال إلا ما كان طيبا، من كسب حلال، لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في معرض ذكر الصدقة: "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه..." الحديث، وهو سبحانه أيضا لا يقبل من الأقوال إلا الطيب، كما قال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} (فاطر:10).

وحتى يتحقق للمؤمن هذه الطيبة التي ينشدها، فإنّه ينبغي عليه أن يحرص على تناول الطيب من الرزق، كما قال تعالى: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} (المؤمنون:51)، فإذا امتثل المسلم ما أُمر به، حصل له من الصفاء النفسي والسمو الروحي ما يقرّبه من ربّه، فيكون ذلك أدعى لإجابة دعائه.

ومن ناحية أخرى يجب على العبد أن ينأى بنفسه عن كل ما حرّمه الله تعالى عليه من مطعوم أو مشروب أو ملبوس، لأن الحرام سيورده موارد الهلاك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: "لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به".

وقد ورد عن سلفنا الصالح رحمهم الله، ما يدل على حرصهم على تلك المعاني السامية، فعن ميمون بن مهران رحمه الله أنه قال: "لا يكون الرجل تقيا حتى يعلم من أين ملبسه، ومطعمه، ومشربه"، ويقول وهيب بن الورد: "لو قمت مقام هذه السارية لم ينفعك شيء حتى تنظر ما يدخل بطنك حلال أم حرام"، ويقول يحيى بن معاذ: "الطاعة خزانة من خزائن الله، إلا أن مفتاحها الدعاء، وأسنانه لقم الحلال".

ثم ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم مثلا عظيما، لرجل قد أتى بأسباب إجابة الدعاء، غير أنه لم يكن يتحرّى الحلال الطيب فيما يتناوله، فهذا الرجل:

أولا: (يطيل السفر)، والسفر بمجرّده يقتضي إجابة الدعاء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثُ دَعَواتٍ مُسْتَجاباتٍ – لا شَكَّ فيهِنَّ -: دعوةُ الوالِدِ، ودعوةُ المسافِرِ، ودعوةُ المظلومِ" [حسنه الألباني في مشكاة المصابيح]، والمسافر يحصل له في الغالب انكسار نفس نتيجة المشاق التي تعتريه في سفره، وهذا يجعله أقرب لإجابة دعائه.

ثانيا: (أشعث أغبر)، وهذا يدل على تذلّله وافتقاره، بحصول التبذّل في هيئته وملابسه، ومن كانت هذه حاله كان أدعى للإجابة ؛ إذ إن فيه معنى الخضوع لله تعالى، والحاجة إليه.

ثالثا: (يمد يديه إلى السماء)، والله سبحانه وتعالى كريم لا يرد من سأله، روى الإمام أحمد وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله حيي كريم، يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين" [صحيح الجامع].

رابعا: ما ورد من إلحاحه في الدعاء: (يا رب، يا رب)، وهذا من أعظم أسباب إجابة الدعاء ؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر ما يدعوا به ثلاثا.

فهذه أربعة أسباب لإجابة الدعاء، قد أتى بها كلها ؛ ولكنه أتى بمانع واحد فهدم هذه الأسباب الأربعة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فأنّى يُستجاب له؟)، وهذا الاستفهام واقع على وجه التعجب والاستبعاد، لمن كانت هذه حاله.

وأخيراً: فما أحوجنا إلى أن نقف مع أنفسنا وقفةً حازمة، نتحرّى فيها ما نأكله من طعام، أونلبسه من لباس، حتى يكون الدعاء مقبولا عند الله، نسأل الله تعالى أن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبطاعته عن معصيته، وبه عمّن سواه.

مرات القراءة: 1139

مرات الطباعة: 63

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك