SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
مع الأنبياء

(سلسلة الدعوة إلى التوحيد في دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام)

التوحيد في دعوة نوح (عليه الصلاة والسلام) (4 من 9)

بتاريخ: 2020-12-27 06:52:51

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

المحور الخامس: أساليب نوح –عليه السلام- في دعوته للتوحيد

سلك نوح –عليه السلام- في دعوة قومه للتوحيد سبلا عدة، واتخذ وسائل شتى فمن ذلك:

الأسلوب الأول: أسلوب الترغيب:

رغَّب نوح -عليه السلام- قومه، وأطمعهم في خيري الدنيا والآخرة رجاء أن يستجيبوا، وكان الترغيب على نوعين:

أولا: الترغيب في ثواب الآخرة:

وهو المقصد الأهم، وهو المتمثل في قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ}[نوح:٤ولا شك أن أهم ثمرات الاستجابة لله تعالى ما وعد الله عز وجل به المؤمنين في الآخرة من مغفرة الذنوب ودخول الجنة .

ثانيا : الترغيب في خير الدنيا:

فقد وعد نوح – عليه السلام – قومه بتحصيل المنافع العاجلة في الحياة الدنيا، بعد أن وعدهم بمغفرة الذنوب، فوعدهم بخير كثير؛ ترغيبا لهم في الإيمان والاستقامة، وذلك في قوله تعالى حكاية عنه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}[نوح: ١٠ – ١٢يقول الفخر الرازي: "والأشياء التي وعدهم من منافع الدنيا في هذه الآية خمسة:

أولها قوله: {يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا}، وثانيها قوله: {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ}، وهذا لا يختص بنوع واحد من المال، بل يعم الكل، وثالثها قوله: {وَبَنِينَ}

ولا شك أن ذلك مما يميل الطبع إليه.

 ورابعها قوله تعالى: {وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ} أي: بساتين.

وخامسها قوله: {وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا} "([1]).

وهناك وعد دنيوي سادس ذكره الله تعالى بقوله: {وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} وهو الوعد بتأخير الأجل ودفع العذاب، يقول الطاهر بن عاشور: "وأما قوله: {وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى}  فهو وعد بخير دنيوي، يستوي الناس في رغبته، وهو طول البقاء، فإنه من النعم العظيمة؛ لأن من جبلة الإنسان حب البقاء في الحياة مع ما فيها من عوارض ومكدرات، وهذا ناموس جعله الله تعالى في جبلة الإنسان؛ لتجري أعمال الناس على ما يعين على حفظ النوع"([2]).

الأسلوب الثاني: الترهيب: 

وكما استخدم نوح –عليه السلام- أسلوب الترغيب في الدعوة إلى الله، استخدم نظيره وهو الترهيب، فقد حذَّر قومه عذاب الله، وتوعَّدهم نقمته، وقد ورد ذلك الأسلوب في عدة آيات من الكتاب العزيز، منها قوله جل شأنه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ}[هود25-26]، وقال تعالى:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الأعراف: ٥٩]، وقال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[نوح: ١]. يقول ابن جزي: "{عَذَابٌ أَلِيمٌ} يحتمل أن يريد عذاب الآخرة، أو الغرق الذي أصابهم"([3]).

كما ورد الترهيب من العذاب في سورة نوح في قوله تعالى: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}[نوح: ٤]، يقول ابن كثير رحمه الله: "أي: بادروا بالطاعة قبل حلول النقمة، فإنه إذا أمر تعالى بكون ذلك لا يرد ولا يمانع، فإنه العظيم الذي قهر كل شيء، العزيز الذي دانت لعزته جميع المخلوقات"([4]).

الأسلوب الثالث: استعطاف نوح عليه السلام لقومه وإظهار شفقته عليهم:

وقد جاء ذلك في قول نوح – عليه السلام –: {قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}   [نوح: ٢] فوصفهم - عليه السلام – بكونهم قومه، يقول الطاهر بن عاشور: "وافتتاح دعوته قومَه بالنداء؛ لطلب إقبال أذهانهم، ونداؤهم بعنوان: أنهم قومه، تمهيد لقبول نصحه؛ إذ لا يريد الرجل لقومه إلا ما يريد لنفسه"([5]).

وقال في موضع آخر: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}[الأعراف: ٦٢وقال في موضع آخر: {إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ}، وقال: {إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[هود: ٢٥ – ٢٦يقول الشيخ ابن سعدي: "وهذا من نصحه -عليه الصلاة والسلام- وشفقته عليهم، حيث خاف عليهم العذاب الأبدي، والشقاء السرمدي، كإخوانه من المرسلين الذين يشفقون على الخلق أعظم من شفقة آبائهم وأمهاتهم"([6]).

([1]) التفسير الكبير 30/123 .

([2]) التحرير والتنوير 14/189 .

([3]) التسهيل لعلوم التنزيل 4/149، وانظر: الجامع لأحكام القرآن 18/298 .

([4]) تفسير القرآن العظيم 4/425 .

([5]) التحرير والتنوير 14/188 .

([6]) تيسير الكريم الرحمن ص292.

مرات القراءة: 1312

مرات الطباعة: 14

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك