(2من2)
ومن أتم النعم وأظهر الدلائل على محبة الله عز وجل للعبد: العلم!
ليس هناك أحب الى الله بعد أنبيائه من العلماء العاملين الأئمة المهتدين الذين تعلموا هذا العلم فجاهدوا واجتهدوا لتعليمه وعملوا بهذا العلم فجدوا واجتهدوا بتطبيقه واجتهدوا في نفع الناس.
تجد من دلائل محبة الله للداعي ومحبة الله للخطيب ومحبة الله لإمام المسجد أن تجده دائما موفقا في أمر الناس للخير ونهيهم عن الشر فلا يرى منكرا إلا نصح فيه ولا يرى خيرا إلا ثبت عليه. فإذا أردت أن ترى دلائل محبة الله لإمام المسجد وجدته على أتم الأمر في طاعة الله والنهي عن معصية الله والتقريب لكل شيء يقرب الى الله عز وجل.
فدلائل محبة الله كُلها تدور حول طاعة الله سبحانه وتعالى وتوفيقه، فإذا وفق العبد في ذلك ووجدت أن معه الله مُعينا ونصيرا له فاعلم انه من أحباب الله عز وجل؛ فلذلك كفاه الله أمور الدنيا وأهلها وأبداً لن تجد عبداً يحب الله ويحبه الله إلا وجدته بأحسن الأحوال في أمور دينه ودنياه وآخرته.. والله ولو وجدته مرقع الثياب!
فقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يملك الواحد منهم قوت يومه وقلبه معلق بالله جل وعلا، وهو في منازل الرضا التي هي من أعظم المحبة من الله عز وجل {وَالسّابِقونَ الأَوَّلونَ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ وَالَّذينَ اتَّبَعوهُم بِإِحسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم وَرَضوا عَنهُ..} [التوبة: ١٠٠].
نسأل الله العظيم أن يجعلنا منهم وأن يمن علينا فنحشر في زمرتهم.
أيضا (من العلامات) الحرص على طاعة الله عز وجل:
فإذا كنت دائماً تفكر ما هي مراتب الطاعة التي ترضي الله عز وجل؟ ولذلك ليس هناك أتم ولا أكمل ولا أعظم من شيء واحد وهو رضوان الله عز وجل للعبد، لذلك لما ذكر الله نعيم أهل الجنة وذكر الله عز وجل صورها وما فيها من الخير جعله شيئا من رضوانه سبحانه وتعالى، ولذلك قال الله تعالى : {وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ أَكْبَرُ..} (التوبة: 72). وفي الحديث الصحيح أن الله تعالى يطّلع على أهل الجنة وقد غمروا في نعيمهم وسرورهم {إِخوانًا عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلينَ} [الحجر: ٤٧] فبينما هم في لذة النعيم ونشوة النعيم وغاية النعيم إذ به سبحانه يقول: هل ترضون؟ قالوا: يا ربنا ما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا وأعطيتنا؟ فيقول الله تعالى: "ألا أزيدكم أُحِل عليكم رضاي فلا أسخط أبداً".
فالعبد الذي يحبه الله لا يسخط عليه أبداً.
جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحاتم بن أبي بلتعة رضي الله عنه وأرضاه لما حصل منهم كتب الكتاب لكفار قريش قال عمر: يا رسول الله -عليه الصلاة والسلام - دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال صلى الله عليه وسلم: "دعه يا عمر وما يدريك لعل الله أطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم!".
الله أكبر إذا رضي الله عن العبد وأحبه! اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم!
فإذا كان العبد في منزلة المحبة عند الله سبحانه وتعالى والرضا فهذه هي الغاية! والأمنية التي أسأل الله بعزته وجلاله أن يجعلنا من أهلها وأن لا يحول بيننا وبينها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.