الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر
من الإيمان باليوم الآخِر: الاعتقادُ الجازم والتصديقُ التامُّ بالجنَّة والنار، وقد عدَّه بعض العلماء الأصل السابع من أصول الإيمان.
فأهل السُّنَّة والجماعة يعتقدون:
أ- أنَّ الجنَّة والنار موجودتان مُعدَّتان لأهلهما ولا تفنيان، فالجنَّة رحمة الله تعالى ودارُ كرامةٍ أعدَّها لأوليائه المقرَّبين والأبرار، والنار دار عَذابه أعدَّها دار هَوانٍ لأعدائه المشركين والمنافِقين والكفَّار.
ب- وأنَّ أهلَهما لا يَمُوتون كما جاء النص فيه، يُقال لأهل كلٍّ منهما: خلودٌ ولا موت، وكما قال سبحانه عن أهل كلٍّ منهما: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:٣٩]، وأخبَرَ أنهم منها لا يخرجون، لكن قال سبحانه: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر: 20] ، وقال تعالى عن الجنَّة: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:١٣٣]، وقال عن النار: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:٢٤].
وفي حديث الكسوف في الصحيحين: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رأى الجنَّة حتى كاد أنْ يتناول عنقودًا منها أو قطفًا، ورأى النار فلم يَرَ منظرًا قطُّ أفظَع منها، وفي رواية: "فلم أرَ كاليوم في الخير والشر" [أخرجه البخاري برقم (1052)، ومسلم برقم (907)، عن ابن عباس رضي الله عنهما].
ج- وأنَّ أهل الجنَّة في نعيمٍ أبدي مُتجدِّد؛ قال تعالى: {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 25] ، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} [النساء: 57].
وقال تعالى في نعيمِهم: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: 108] ، وأهل النار في عَذابٍ أبدي سرمدي دائم؛ قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 56] ، وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: 23] ، وقد ذكَر الله تعالى تأبيدَ خُلود أهل النار في ثلاث آيات من كتابه.