SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
الرئيسية

بطلان الدعوى بأن الإيمان يكفي دون الاهتمام بالعقيدة!

بتاريخ: 2017-09-21 13:54:45

د.ربيع أحمد

أهمية دراسة العقيدة وحكم تعلمها (2من2)

من خلال تعلُّمنا أهمية العقيدة، يتبيَّن بُطلان الدعوى بأن الإيمان يكفي دون الاهتمام بالعقيدة؛ حيث إن الإيمان لا يكون إيمانًا إلا إذا صحَّت العقيدة، أمَّا إذا لم تكن العقيدة صحيحة، فليس هناك إيمانٌ ولا دينٌ‏.‏

هل تعلُّم العقيدة ضروري؟

ومن خلال تعلُّمنا أهمية العقيدة، يُمكننا أن نُجيب عن سؤال هام، ألا وهو: هل تعلُّم العقيدة ضروري؟

والجواب:

نعم؛ فتعلُّم العقيدة ضرورة من ضرورات الإنسان التي لا غنى له عنها، فالإنسان بحسب فِطرته يَميل إلى اللجوء إلى ربٍّ يَعتقد فيه القوة الخارقة، والسيطرة الكاملة عليه وعلى المخلوقات من حوله، وهذا الاعتقاد يحقِّق له الميل الفطري للتديُّن، ويُشبع نَزعته تلك، والعقيدةُ الإسلامية تقوم على الاعتقاد الصحيح الذي يُوافق تلك الفطرة، ويَحترم عقلَ الإنسان ومكانته في الكون.

هل الحاجة إلى العقيدة الصحيحة حاجة مُلِحة؟

ومن خلال تعلُّمنا أهمية العقيدة، يُمكننا أن نُجيب عن سؤال هام، ألا وهو: هل الحاجة إلى العقيدة الصحيحة حاجة مُلحة؟

والجواب:

نعم، الحاجة إلى العقيدة الصحيحة حاجة مُلِحة، فلا حياة للقلب ولا طُمأنينة ولا سعادة إلا بصحة العقيدة، فإذا انطبَعت العقيدة الصحيحةفي نفس العبد - من العلم بالله وتوحيده، ومحبَّته وخشيته، وتعظيم أمره ونَهيه، والتصديق بوعده ووعيده - سعِد في الدنيا والآخرة، وسعِد مجتمعه به؛ ذلك أن صلاح سلوك الفرد تابعٌ لصلاح عقيدته وسلامة أفكاره، وفساد سلوك الفرد تابعٌ لفساد عقيدته وانحرافها.

وداعًا للقلق مع العقيدة الصحيحة:

والعقيدة الصحيحة تُخلِّص العبد من القلق والتوتر العصبي والاكتئاب، فصاحب المعتقد الصحيح يؤمن بقدر الله، وأن الله مدبِّر الأمر، وأن الله غفَّار الذنوب، فإن وقَع في ضيق يدعو ربَّه، فيُفرِّج كرْبه، وإن أذنَب استغفَر، فيَغفِر الله له، وإن حدَث ما يُحزنه، حمِد الله واسترجَع؛ لأنه يَعلم أن الله هو المقدِّر، فلا يقدِّر شيئًا إلا لحِكمة، فلا يَكتئِب ولا يَقنَط.

وصاحب المعتقد الصحيح تَجده مُطمئنَّ النفس، هادئ البال، قريرَ العين، ليس بالقَلِق ولا بالحيران، حتى كان يقول أحدهم: "نحن في سعادة لو علِمها الملوك، لقاتَلونا عليها"، وقيل للعالم عبدالله بن المبارك: "مَن الملوك؟ قال: الزُّهَّاد، قالوا: فمن السَّفِلة؟ قال: الذين يأكلون بدينهم، قالوا: فمَن سَفِلة السَّفِلة؟ قال: الذين يُصلحون دنيا غيرهم بتضييع دينهم".

ولا يُمكن أن ينجوَ العبد في الآخرة إلا بصحة العقيدة؛ قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}  [الأنعام: 88].

لذلك الحاجة إلى العقيدة الصحيحة حاجةٌ مُلِحة.

الاهتمام بالعقيدة ليس معناه إهمال الفقه:

ولا يَلزَم من تركيزنا واهتمامنا بالعقيدة إهمالُ الفقه والأخلاق؛ لأن الإسلام عقيدة وعملٌ.

آثار ضياع العقيدة الإسلامية:

وبعد أن عرَفنا أهمية العقيدة وفائدة تعلُّمها، والسبب في الاهتمام بدراستها - نأتي إلى موضوع هام، ألا وهو: آثار ضياع العقيدة الإسلامية بين الأمة، فلا ريبَ في أن للعقيدة التي يَحملها الإنسان أثرًا في توجيه سلوكه وتصرُّفاته، وأن أي انحرافٍ في هذه العقيدة، أو ضياع لهذه العقيدة، يظهر في حياة الإنسان العملية والخُلقية، ومن ثَم يؤثِّر ذلك بشكلٍ ملموس في حياة المجتمع؛ لأننا لا نستطيع الفصل بين المجتمع وأفراده.

ومن آثار ضياع العقيدة الإسلامية ما يلي:

1- المعيشة الضَّنك:

وإصابة الناس بالقلق النفسي والاضطراب، والحِرمان من طُمأنينة القلب، وسكون النفس؛ فقد قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124].

فإنسان عنده خَلل في الإيمان بالله، والإيمان بالقضاء والقدر عنده فيه خَلل، كيف يرضى بقضاء الله وقدره؟

يفعل ما بدَا له، لا إيمان بالله يَردَعه، لا يَحيا لهدفٍ، فالشخص إن آمَن بربِّه، واستقام على شرعه، منَحه السعادة والاستقرار، ويسَّر له أمره، وإن لَم تتوافر له إلا أدنى مقوِّمات الحياة، وإن كفَر بربه، واستكبَر عن عبادته، جعَل حياته ضنكًا، وجمَع عليه الهموم، وإن ملَك جميع وسائل الراحة، وأصناف المتاع، ونحن نرى كثرة المُنتحرين في الدول التي كفَلت لأفرادها جميع وسائل الرفاهية، ونحن نرى الإسراف في أصناف الأثاث وأنواع الأسفار من أجل الاستمتاع بالحياة، والدافع إلى الإسراف في ذلك هو خُلو القلب من الإيمان، والشعور بالضِّيق والضنك، ومحاولة تبديد هذا القلق بوسائل متغيِّرة ومتجدِّدة.

2- كثرة الأنانية بين الناس:

فكل إنسان يهمُّه مصلحة نفسه، ولو كانت هذه المصلحة تضر بالآخرين، فالمرأة المتبرِّجة مثلاً تحب أن تُبرز مفاتنها بين الناس، ولا يهمُّها أثرُ هذا التبرُّج على إخوتها من المسلمين، فتُضيِّع نفسها بعذاب الله لها، قصَدت الفتنة بين إخوتها المسلمين أم لم تقصد، فهذا الفعل نفسه سببٌ للفتنة، ولسان الحال دليلٌ على كذب المقال.

3- شيوع الجريمة بين الناس:

فكل شخصٍ يحب أن يَنتقم من أحد، يَنتقم، فلا يَردعه دين.

4- فساد المجتمع:

فبفساد أفراد المجتمع يَفسُد المجتمع ككلٍّ.

5- كثرة الانتحار تخلُّصًا من الحياة:

وأكثر المنتحرين ليسوا من الفقراء، حتى يقال: بسبب فقرهم، بل من الأغنياء المترفين، ومن الأطباء، بل ومن الأطباء النفسيين الذين يُظَنُّ بهم أنهم يَجلبون السعادة للناس!

6 - شيوع الكراهية والبغضاء بين الناس:

بسبب تَزعزُع عقيدة القضاء والقدر في قلوبهم.

7- شيوع الأوهام والمخاوف بين الناس:

فيخاف الناس على دنياهم بسبب الشِّرك، فترى بعض الناس يعتقدون في العبد المخلوق ما لا يجوز إلا لله.

8- يعيش الشخص ظالِمًا لنفسه:

ظالِمًا لمَن حوله من البشر والمخلوقات، فهو لا يعرف لذي حقٍّ حقَّه، فإذا كان يوم القيامة قام في وجهه كلُّ مَن ظلَمه من إنسانٍ أو حيوان، يَطلب من ربه أن يقتصَّ له منه، فالذي لا يعرف العقيدة الإسلامية يُسخِّر نفسه لغير ما خُلِقت له، ولا يعبد ربَّه، بل يعبد غيره من شهواتٍ، والظلم هو وضْع الشيء في غير موضعه، وأيُّ ظلمٍ أعظمُ من توجيه العبادة لغير مستحقِّها؟

9- لُحوق الخيبة والخُسران بمَن لا يَعرف العقيدة الإسلامية:

فقد فقَدَ الشخص ما تتمتَّع به القلوب والأرواح، وهو معرفة الله والأُنس بمناجاته، والسكينة إليه، وخسِر الدنيا؛ لأنه عاش فيها حياة بائسة حائرة، وخسِر نفسه التي كان يَجمع من أجلها؛ لأنه لم يُسخِّرها لما خُلِقت له، ولم يَسعد بها في الدنيا؛ لأنها عاشت شقيَّة، وماتت شقيَّة، وستُبعث مع الأشقياء.

10- حِرمان الحياة الحقيقية:

فالإنسان الجدير بالحياة هو الذي آمَن بربِّه، وعرَف غايته، وتبيَّن مصيره، وأيقَن بمبعثه، فعرَف لكل ذي حقٍّ حقَّه، فلا يَغمَط حقًّا، ولا يؤذي مخلوقًا، فعاش عيشة السُّعداء، ونال الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.

حُكم تعلم العقيدة:

وبعد أن عرَفنا أهمية العقيدة وآثار ضياعها، نأتي لمسألة هامة، ألا وهي حُكم تعلُّم العقيدة، وشأن العقيدة شأن الفقه، فمن العقيدة ما هو فرضُ عينٍ، ومنها ما هو فرضُ كفاية كالفقه، فالقاعدة: "العلم تابع للمعلوم"، فالعلم الذي يُتوصَّل به إلى إقامة الفرض، يكون فرضًا، والعلم الذي يُتوصَّل به إلى إقامة الواجب، يكون واجبًا، والعلم الذي يُتوصَّل به إلى إقامة السُّنة، يكون سُنةً.

والعقيدة التي هي فرضُ عينٍ، هي تعلُّم ما لا يصح الإيمان إلا به؛ كالإيمان بأركان الإيمان الستة على وجه مُجمل، والعقيدة التي هي فرضُ كفاية، هي معرفة هذه الأركان الستة على التفصيل بأدلَّتها من الكتاب والسُّنة، ومعرفة شُبَه المخالفين والرد عليها.

هذا، والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات.

______________

(*) شبكة الألوكة.

 

مرات القراءة: 1477

مرات الطباعة: 44

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك