يرتبط الصيام ارتباطًا وثيقًا بالصبر، وقد قال الله تعالى: ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)) [الزمر: 10]، ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر فقال: ((صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ رَمَضَانَ، صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ وثلاثَةَ أيامٍ من كلِّ شهرٍ))[1].
والصبر ثلاثة أنواع:
- صبر على طاعة الله
- وصبر عن محارم الله
- وصبر على أقدار الله المؤلمة.
وتجتمع الثلاثة في الصوم فإن فيه صبرًا على طاعة الله، وصبرًا عما حرم الله على الصائم من الشهوات، وصبرًا على ما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع والعطش وضعف النفس والبدن.
وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه، كما قال الله تعالى في المجاهدين: ((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)) [التوبة: 120].
واعلم أن مضاعفة الأجر للأعمال تكون بأسباب منها شرف الزمان كشهر رمضان، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((... فإنَّ عمرةً في رمضانَ تَقْضي حجةً معي))[2].
قال النخعي: صوم يوم من رمضان أفضل من ألف يوم، وتسبيحة فيه أفضل من ألف تسبيحة وركعة فيه أفضل من ألف ركعة.
فلما كان الصيام في نفسه مضاعفًا أجره بالنسبة إلى سائر الأعمال كان صيام شهر رمضان مضاعفًا على سائر الصيام لشرف زمانه وكونه هو الصوم الذي فرضه الله على عباده وجعل صيامه أحد أركان الإسلام التي بني الإسلام عليها.
وقد يضاعف الثواب بأسباب أخر منها شرف العامل عند الله وقربه منه وكثرة تقواه كما يضاعف أجر هذه الأمة على أجور من قبلهم من الأمم وأعطوا كفلين من الأجر.
..................
لطائف المعارف، ابن رجب (بتصرف واختصار).
[1] [صحيح الجامع: 3794]
[2] [صحيح البخاري:1863]