التحذير من كل فعلٍ ينافي أصل التوحيد أو كماله
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرك، أو ما يفضي إليه من الوسائل، بالأقوال، وكذلك الشأنُ في الأفعال، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الرقى والتمائم والتولة شرك"(1)، والمقصود بالرقى غير المشروع منها، وهي التي تسمى العزائم، التي يعتقدون فيها دفع الآفات والحفظ من المكروهات، أما ما كان منها من المشروع والمأثور من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يدخل في ذلك(2).يُدللُ عليه قول الصحابي الجليل عوف ابن مالكٍ رضي الله عنه: "كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى ذلك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأس بالرقى مالم تكن شركا"(3).
وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن تكون بكلام اللّه أو بأسماء اللّه وصفاته، وأن تكون باللسان العربي وما يعرف معناه، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بتقدير اللّه تعالى(4).
وأما التمائم فهي جمع تميمة، وهي ما يُعّلق على الأولاد عن العين، وقيل ما يعلق على الصبيان من خرز وعظام لدفع العين، وهذا منهيٌّ عنه، لما فيه من الشرك أو ذريعة إلى الشرك(5).
وأما التِّوَلة، فهو شيء يصنعونه، ويزعمون أنّه يحبب المرأة إلى زوجها، والرجل إلى امرأته(6): و"التولة بكسر المثناة وفتح الواو واللام مخففاً شيء كانت المرأة تجلب به محبة زوجها، وهو ضرب من السحر"(7).
كما كان من وسائله صلى الله عليه وسلم في حماية جناب التوحيد، النهي عن الذبح لغير الله تعالى، تحقيقاً لمراد الله في قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ}[الكوثر: 2]، ونقياداً لأمر الله في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام: 162] ، وقد حقق رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمره به ربه تبارك وتعالى، حقق ذلك قولاً وعملاً، وعلّم ذلك أمته، وشدد في النهي عن مخالفته، حماية لجناب التوحيد، قال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سرق منار الأرض، ولعن الله من لعن والده، ولعن الله من آوى محدثاً"(8).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. رواه أحمد في مسنده، (1-381)، برقم: (3614)، وأبو داوود، (4-9)، باب: في تعليق التمائم: برقم: (3883).
2. انظر: فتح المجيد، عبد الرحمن حسن آل الشيخ، ص (147).
3. رواه مسلم (4-1727)، كتاب: السلام، باب: لا بأس بالرقى مالم يكن شركا، برقم (2200).
4. انظر: فتح المجيد، عبد الرحمن حسن آل الشيخ، ص (148).
5. انظر: المرجع السابق، ص (148).
6. انظر: المرجع السابق، ص (149).
7. انظر: المرجع السابق، ص (150).
8. رواه مسلم (3-1567)، كتاب: الأضاحي، باب: تحريم الذبح لغير الله ولعن فاعله، برقم (1978).