SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
مع الأنبياء

معالم التوحيد في دعوة إبراهيم عليه السلام (4)

معالم التوحيد في دعوة إبراهيم عليه السلام
معالم التوحيد في دعوة إبراهيم عليه السلام

بتاريخ: 2020-12-17 04:56:26

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

إذا كان للمرء نصيحة يحب أن يسديها، أو معروفًا يرغب أن يبذله، فإن أسرته وقرابته هم أولى بهذه النصيحة وذلك المعروف، فما بالنا إذا كان مناط الأمر متعلقًا بالتوحيد، ودخول الجنة، والنجاة من النار.

لقد كان ديدن الأنبياء البدء بالدعوة إلى التوحيد، كما كان عهدهم أن تكون القرابة والأسرة هم أول من يتلقى هذه الدعوة، في محاولة لانقاذهم من براثن الشرك، وهاوية التعبد للأوثان إلى بحبوبة التوحيد وإفراد الحق تبارك وتعالى بالعبادة.

وإبراهيم عليه السلام كان المثل والقدوة لكل من أتى بعده، كما أخبر ربنا سبحانه وتعالى:}قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ{ [الممتحنة:4]، إذ كانت دعوته في بواكيرها لأبيه ووصيته بالتوحيد لبنيه.

وهذا ما حكاه القرآن في سيره إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: }وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا{ [مريم:41ـ42].

بهذا اللطف في الخطاب يتوجَّه إبراهيمُ عليه السلام إلى أبيه يحاول أن يَهديه إلى الخير الذى هداه الله إيَّاه وهداه إليه، وهو يتحبَّب إليه ويخاطبه: }يا أبتِ{، فهذا هو الشعور الفطري الإيماني العميق: شعور الرغبة في مضاعفة السالكين في درب التوحيد، وفي أوَّلهم الذريةُ والأزواج؛ فهم أقرب الناس تَبِعَةً، وهم أول أمانة يُسأل عنها الأنبياء ومن تحمل إرثهم من الدعاة والمصلحين.

ومن عجب أنه بعد أبلغه دعوة الله وأقام عليه الحجة بالتوحيد وترك ما عليه من عبادة الأصنام، وبعدما أعرض عنه أبوه وهدده بالويل والثبور وعظائم الأمور، أخذت إبراهيم عليه السلام الشفقة عليه ووعده بأن يدعو الله له {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} أي: لا أزال أدعو الله لك بالهداية والمغفرة، بأن يهديك للإسلام، الذي تحصل به المغفرة، فلم يزل يستغفر الله له رجاء أن يهديه الله، فلما تبين له أنه عدو لله، وأنه لا يفيد فيه شيئًا، ترك الاستغفار له، وتبرأ منه.

وكما كانت دعوته لأبيه، كانت نصيحته لبنيه بالتمسك بعقيدة التوحيد وأن يكونوا على  الإسلام، قال تعالى: }وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ{ [البقرة:132].

فهذه وصيته لبنيه وهي التمسك بالدين، أى دين الإسلام الذي هو صفوة الأديان ولا دين عنده غيره، }فَلا تَمُوتُنَّ{ أى لا يصادفكم الموت }إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ{ أى مخلصون بالتوحيد محسنون بربكم الظن، وهذا نهى عن الموت في الظاهر وفي الحقيقة عن ترك الإسلام لأن الموت ليس في أيديهم.

وهي دعوة تكشف عن ذلك القلب المؤمن المهموم بأمر الذرية وحالها مع العقيدة، هذا شغله الشاغل، وهو همه الأول، فشعور إبراهيم عليه السلام بقيمة النعمة التي أسبغها اللّه عليه - نعمة الإيمان - تدفعه إلى الحرص عليها في عقبه وبنيه.

وإن هذا المشهد بين إبراهيم عليه السلام وبنيه لمشهد عظيم الدلالة، قوي الإيحاء، عميق التأثير.

فما هي القضية التي تشغل باله؟ ما هو الشاغل الذي يعني خاطره؟ ما هو الأمر الجلل الذي يريد أن يطمئن عليه ويستوثق منه؟ ما هي التركة التي يريد أن يخلفها لأبنائه ويحرص على سلامة وصولها إليهم؟

إنها العقيدة ... وهي القضية الكبرى، وهي الشغل الشاغل، وهي الأمر الجلل الذي اهتم به إبراهيم عليه السلام، ووصى به بنيه.

فكم من أب وصَّى أولاده بعقد الصفقات، واهتم بتوزيع الثروات، ونسي أمر العقيدة والتوحيد ووصيه الأبناء بالتمسك به، وهو ما قد ينفعه بعد الممات، كما أخبر الرسول صلى الله عليه  وسلم:" إذا ماتَ الرجلُ انقطعَ عملُهُ إلَّا من ثلاثٍ ولدٍ صالحٍ يدعو لَهُ، أو صدقةٍ جاريةٍ أو علمٍ يُنتَفعُ بِهِ" (مسلم:1631).

مرات القراءة: 1089

مرات الطباعة: 57

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك