SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
مقالات وبحوث

وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ

وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ
وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ

بتاريخ: 2018-07-09 06:14:14

قال الله تعالى:

}وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ{ [الأحقاف:5].

{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ الله مِن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ} إنكارٌ ونفيٌ لأنْ يكونَ أحدٌ يُساوي المُشركينَ في الضَّلالِ، وإنْ كانَ سبكُ التَّركيبِ لنفي الأضلِ منهم من غيرِ تعرضٍ لنفي المُساوِي، أي هُم أضلُّ من كلِّ ضالَ، حيثُ تركُوا عبادةَ خالقِهم السميعِ القادرِ المجيبِ الخبير إلى عبادةِ مصنُوعِهم العارِي عن السمعِ والقدرةِ والاستجابةِ الذي ليس شأنه الاستجابة لهم وإسعافهم بمطلوبهم.

 فلا أضل ممن يدعو من دون الله أصنامًا، ويطلب منها ما لا تستطيعه، فقد كان بعضهم يتخذ الأصنام آلهة إما لذاتها وإما باعتبارها تماثيل للملائكة، وبعضهم يتخذ الأشجار، وبعضهم يتخذ الملائكة مباشرة أو الشيطان.

وكلها لا تستجيب لداعيها أصلًا، أو لا تستجيب له استجابة نافعة، فالأحجار والأشجار لا تستجيب، والملائكة لا يستجيبون للمشركين، والشياطين لا يستجيبون إلا بالوسوسة والإضلال.

{إلى يَوْمِ القيامة} غايةٌ لنفي الاستجابةِ، فهؤلاء مدة مقامهم في الدنيا لا ينتفعون بها مثقال ذرة، حتى إذا كان يوم القيامة شاهدوا وأيقنوا أنهم كانوا على ضلال مبين.

وكذلك حال هذه الأصنام إلى يوم القيامة، هي غافلة عما يقول لا تسمع ولا تبصر، لأنها جماد وحجارة صم.

وكأن الأية تتحدث عن حالتين:

- الحالة الأولى: التي جعلت غايتها القيامة لا تزيد على عدم الاستجابة.

- والحالة الثانية: التي في القيامة زادت على عدم الاستجابة بالعداوة وبالكفر بعبادتهم إياهم.كقوله تعالى: }إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ{ [فاطر:14].

{وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غافلون} لا يسمعون منهم دعاءً، ولا يجيبون لهم نداءً، هذا حالهم في الدنيا، لكونِهم جماداتٍ، وذكر سبحانه وتعالى هنا ضمائرُ العقلاءِ لإجرائِهم إيَّاها مُجرى العُقلاءِ ووصفِها بما ذُكر منْ تركِ الاستجابةِ والغفلةِ مع ظهورِ حالِها للتهكم بَها وبعبدَتها.

وإنما عنى بوصفها بالغفلة، تمثيلها بالإنسان الساهي عما يقال له، إذ كانت لا تفهم مما يقال لها شيئًا، كما لا يفهم الغافل عن الشيء ما غفل عنه، وإنما هذا توبيخ من الله لهؤلاء المشركين لسوء رأيهم، وقُبح اختيارهم في عبادتهم، من لا يعقل شيئًا ولا يفهم، وتركهم عبادة من جميع ما بهم من نعمته، ومن به استغاثتهم عندما ينزل بهم من الحوائج والمصائب.

وقبل إن كان المدعو جمادًا فظاهر، وأما إن كان من ذوي العقول فإن كان من المقبولين المقربين عند الله تعالى فلاشتغاله عن ذلك بما هو فيه من الخير، أو كونه في محل ليس من شأن الذي فيه أن يسمع دعاء الداعي للبعد، كعيسى عليه الصلاة والسلام، أو لأن الله تعالى يصون سمعه عن سماع ذلك؛ لأنه لكونه مما لا يرضي الله تعالى يؤلمه لو سمعه، وإن كان من أعداء الله تعالى كشياطين الجن والإنس الذين عبدوا من دون الله تعالى، فلاشتغاله بما هو فيه من الشر.

وإذا كان القرآن يندد بضلال من يدعون من دون اللّه آلهة لا يستجيبون لهم إلى يوم القيامة، وكان هذا يعني المعبودات التاريخية التي عرفتها البشرية في جاهليتها عند نزول هذا القرآن، فإن النص أوسع مدلولًا وأطول أمدًا من ذلك الواقع التاريخي.

فمن أضل ممن يدعو من دون اللّه أحدًا في أي زمان وفي أي مكان؟ وكل أحد - كائنا من كان - لا يستجيب بشيء لمن يدعوه، ولا يملك أن يستجيب، وليس هناك إلا اللّه فعال لما يريد..

إن الشرك ليس مقصورًا على صوره التي عرفها المشركون القدامى، فكم من مشركين يشركون مع اللّه ذوي جاه، أو ذوي مال، أو ذوي علم، ويرجون فيهم، ويتوجهون إليهم بالدعاء، وكلهم أعجز من أن يستجيبوا لدعاتهم استجابة حقيقية، وكلهم لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا، ودعاؤهم شرك، والرجاء فيهم شرك، والخوف منهم شرك، ولكنه شرك خفي يزاوله الكثيرون، وهم لا يشعرون.

مرات القراءة: 812

مرات الطباعة: 8

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك