SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
مع الأنبياء

معالم التوحيد في دعوة إبراهيم عليه السلام (13)

معالم التوحيد في دعوة إبراهيم عليه السلام
معالم التوحيد في دعوة إبراهيم عليه السلام

بتاريخ: 2020-12-09 13:56:26

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

من صفات إبراهيم - عليه السلام - المعينة على تبليغ رسالة التوحيد سلامة القلب وصحة العقيدة وخلوص الضمير لله رب العالمين، قال تعالى: }وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (*) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{ [الصافات: 83،84]

يقول تعالى ذكره: }وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ{: والمعنى أن من أشياع نوح وعلى منهاجه وملته إبراهيمَ خليل الرحمن - عليه السلام -، فهو من شيعة نوح عليه السلام في التوحيد- وإن اختلفا في فروع شرعيهما.

}إِذْ جَاءَ رَبَّهُ{، ومعنى المجيء به ربه، إخلاصه له كأنه جاء به متحفًا إياه بطريق التمثيل.

}بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{: قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني شهادة أن لا إله إلا الله.

 وروى ابن أبي حاتم عن عَوْف قال: قلت لمحمد بن سيرين: ما القلب السليم؟ قال: "يعلم أن الله حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور".

 وقال الحسن البصري: ؟سليم من الشرك".

 وقال عُروة بن الزبير: "لا يكون لعَّانًا".

 ويقال: سليم من حظوظ نفسه وإرادته.

 ويقال: مستسلم لله في قضائه واختياره.

  ويقال: القلب الذي قد صارت السلامة صفة ثابتة له كالعليم والقدير وأيضًا فإنه ضد المريض والسليم والعليل.

 وبالجملة فهو قلب سليم من الشرك والشُّبَه، والشهوات المانعة من تصور الحق، والعمل به، سالم من العلائق الدنيوية، فليس فيه شيء من محبتها والركون إليها وإلى أهلها، وسليم من آفات القلوب ومن العلائق الشاغلة عن التبتل إلى الله عز وجل، وسالم من جميع الآفات كفساد العقائد والنيات السيئة والصفات القبيحة كالحسد والغل وغير ذلك.

 وإذا كان قلب العبد سليمًا، سلم من كل شر، وحصل له كل خير، ومن سلامته أنه سليم من غش الخلق وحسدهم، وغير ذلك من مساوئ الأخلاق.

قال ابن القيم - رحمه الله - في تفسيره للآية الكريمة:

والأمر الجامع لذلك: أنه الذي قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ومن كل شبهة تعارض خبره. فسلم من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسوله، فسلم في محبته مع تحكيمه لرسوله في خوفه ورجائه والتوكل عليه، والإنابة إليه، والذل له، وإيثار مرضاته في كل حال، والتباعد من سخطه بكل طريق. وهذا هو حقيقة العبودية التي لا تصلح إلا لله وحده.

فالقلب السليم: هو الذي سلم من أن يكون لغير الله فيها شركة بوجه ما، بل قد خلصت عبوديته لله تعالى: إرادة، ومحبة وتوكلًا، وإنابة، وإخباتًا، وخشية، ورجاء. وخلص عمله وأمره كله لله، فإن أحب، أحب في الله، وإن بغض أبغض في الله، وإن أعطى أعطى لله، وإن منع منع لله، ولا يكفيه هذا حتى يسلم من الانقياد والتحكم لكل من عدا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فيعقد قلبه معه عقدًا محكمًا على الائتمام والاقتداء به وحده، دون كل أحد في الأقوال والأعمال: من أقوال القلب، وهي العقائد. وأقوال اللسان، وهي الخبر عما في القلب، وأعمال القلب وهي الإرادة والمحبة والكراهية وتوابعها، وأعمال الجوارح، فيكون الحكم عليه في ذلك كله دقّة وجلّه لما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فلا يتقدم بين يديه بعقيدة ولا قول ولا عمل.

إنها صورة الاستسلام الخالص. تتمثل في مجيئه لربه، وصورة النقاء والطهارة والبراءة والاستقامة تتمثل في سلامة قلبه، والتعبير بالسلامة تعبير موح مصور لمدلوله، وهو في الوقت ذاته بسيط قريب المعنى واضح المفهوم. ومع أنه يتضمن صفات كثيرة من البراءة والنقاوة، والإخلاص والاستقامة إلا أنه يبدو بسيطًا غير معقد، ويؤدي معناه بأوسع مما تؤديه هذه الصفات كلها مجتمعات!

وهكذا هم دعاة التوحيد لابد وأن يجيء بقلب سليم، بقلب خالص، يخشى ويتوقى، ويحذر أن يكون على ضلالة، أو أن تستهويه ضلالة.

والداعية إلى التوحيد بهذا القلب السليم، يستنكر ما عليه الضلال ويستبشعه، استنكار الحس السليم لكل ما تنبو عنه الفطرة الصادقة من تصور ومن سلوك.

ولكننا به - عليه السلام - وهو يدعو ربه ويلفت أنظار الدعاة إلى التوحيد في كل عصر

}وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{ [الشعراء: 87-89]، فليست هنالك من قيمة في يوم الحساب إلا قيمة الإخلاص، إخلاص القلب كله للّه، وتجرده من كل شائبة، ومن كل مرض، ومن كل غرض، وصفائه من الشهوات والانحرافات، وخلوه من التعلق بغير اللّه، فهذه سلامته التي - تجعل له قيمة ووزنا } يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ { ولا ينفع شيء من هذه القيم الزائلة الباطلة، التي يتكالب عليها المتكالبون في الأرض وهي لا تزن شيئًا في الميزان الأخير!

مرات القراءة: 757

مرات الطباعة: 62

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك