SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
مع الأنبياء

معالم التوحيد في دعوة إبراهيم عليه السلام (15)

معالم- التوحيد - دعوة- إبراهيم- عليه السلام
معالم- التوحيد - دعوة- إبراهيم- عليه السلام

بتاريخ: 2020-12-07 15:56:26

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

قلب الداعية إلى التوحيد هو الذي يقوده للنجاح في مهمته ورسالته التي يحملها، فإذا امتلئ هذا القلب محبة وخوفًا ورهبة وخشية بلغ الغاية العظمى في البيان والبلاغ.

 وهذا قلب خليل الرحمن - إبراهيم عليه السلام - قد ملء محبة لله - عز وجل -، وجاء كتاب الله - سبحانه وتعالى - مبينًا لهذه الصفة الجليلة، يقول الله تعالى:

}وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا{ [النساء: 125].

والخليل من الخلة التي هى المحبة، والخلة أن تباشر المحبة جميع أجزائه، وتتخلل سرّه حتى لا يكون فيه مساغ للغير.

قال الزجاج: معنى الخليل الذي ليس في محبته خلل، والخلة: الصداقة، فسمي خليلًا لأن الله أحبه واصطفاه.

وقيل: هو من الخلة وهي الحاجة، سمي خليلًا أي: فقيرًا إلى الله لأنه لم يجعل فقره وفاقته إلا إلى الله - عز وجل -.

 والأول أصح لأن قوله {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} يقتضي الخلة من الجانبين، ولا يتصور الحاجة من الجانبين.

قال ابن القيم - رحمه الله - في "روضة المحبين":

"الخُلّة: هي توحيد المحبة، فالخليل هو الذي توحد حبه لمحبوبه وهي رتبة لا تقبل المشاركة".

فالخُلة أعلى أنواع المحبة، وهذه المرتبة حصلت للخليلين محمد وإبراهيم - عليهما الصلاة والسلام -، وأما المحبة من الله - سبحانه وتعالى - فهي لعموم المؤمنين، فعن جُنْدَب بنِ عَبْدِ الله البَجَلي رضي الله عنه قَالَ:

 سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ وَهُوَ يَقُولُ:

 "إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا". (مسلم: 532)

وقد استحق كلا النبيين - عليهما الصلاة والسلام - هذه المنزلة لما لهما من الصفات، والأفعال العظيمة الجميلة.

وإنما اتخذ الله إبراهيم - عليه السلام - خليلًا لأنه وفَّى بما أُمر به وقام بما ابْتُلي به، فجعله الله إمامًا للناس، واتخذه خليلًا ونوه بذكره في العالمين.

وهذا من باب الترغيب في اتباعه، لأنه إمام يقتدى به، حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به العباد له، فإنه انتهى إلى درجة الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة، وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه.

قال كثير من علماء السلف:

أي قام بجميع ما أمر به في كل مقام من مقامات العبادة، فكان لا يشغله أمر جليل عن حقير، ولا كبير عن صغير.

وقد أُثنى عليه في القرآن ثناء عظيمًا، وذكر له من الصفات والأفعال ما استحق بها أن يكون خليلاً لربه تعالى، وأعظم تلك الصفات والأفعال: تحقيقه للتوحيد، وبراءته من الشرك والمشركين، حتى نسب الدين والملَّة إليه عليه السلام، ولذا فلا عجب إِنْ عَلِمْنَا أن الله تعالى أمر نبيَّه محمَّدًا صلى الله عليه وسلم أن يتبع هذه الملَّة في قوله تعالى: }ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{ [النحل: 123]، وأمر سبحانه عبادَه جميعهم بذلك الاتباع لتلك الملَّة في قوله: }قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ{ [آل عمران: 95 ]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:

 الخلة هي كمال المحبة المستلزمة من العبد كمال العبودية لله ومن الرب سبحانه كمال الربوبية لعباده الذين يحبهم ويحبونه، ولفظ العبودية يتضمن كمال الذل وكمال الحب فإنهم يقولون قلب متيم إذا كان متعبدًا للمحبوب، والتيم التعبد، وتيم الله عبده، وهذا أعلى الكمال حصل لإبراهيم ومحمد - صلى الله عليهما وسلم - ولهذا لم يكن له من أهلا لأرض خليل، إذ الخلة لا تحتمل الشركة فإنه كما قيل في المعنى:

قد تخللت مسلك الروح منى * وبذا سمى الخليل خليلا

والخليلان هما أكمل خاصة الخاصة توحيدًا، فلا يجوز أن يكون في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من هو أكمل توحيدًا من نبي من الأنبياء فضلًا عن الرسل فضلًا عن أولي العزم فضلًا عن الخليلين.

 وكمال توحيدهما بتحقيق إفراد الألوهية وهو أن لا يبقى في القلب شيئًا لغير الله أصلًا بل يبقى العبد مواليًا لربه في كل شيء، يحب ما أحب، ويبغض ما أبغض، ويرضى بما رضي، ويسخط بما سخط، ويأمر بما أمر، وينهى عما نهى. (منهاج السنة النبوية 5/355).

مرات القراءة: 760

مرات الطباعة: 46

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك