SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
هدى ونور

القلوب المُنكِرة

القلوب المُنكِرة
القلوب المُنكِرة

بتاريخ: 2018-09-02 07:10:44

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

قال الله تعالى:

}إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ{ [النحل:22]

لما زيف الحق - سبحانه وتعالى - طريقة عبدة الأصنام وفساد مذاهبهم، قال: {إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ}، ثمَّ ذكر ما لأجله أصرَّ الكفار على الشركِ؛ فقال: {فالذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ} جاحدة، {وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ} مستعظمون.

أي: إنَّ المؤمنين في الآخرة يرغبون بالفوز في الثواب الدائم، ويخافون العقاب الدائم، فإذا سمعوا الدلائل خافوا، وتأملوا، وتفكروا فيما يسمعون، فلا جرم ينتفعون بسماع الدلائل، ويرجعون إلى الحقِّ.

وأمَّا الذين لا يؤمنون بالآخرة وينكرونها، فإنهم لا يرغبون في الثواب ولا يرهبون عن الوقوع في العقاب، فيبقون منكرين لكلِّ كلامٍ يخالف قولهم، ويستكبرون عن الرجوع إلى قول غيرهم، فيبقون مصرِّين على الجهل والضلال.

{إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ} أي: إِلهُكُمْ الذي أوجدكم من العدم، وأظهركم في فضاء الوجود لا يشاركه شيء في شيء، وما هو الا إِلهٌ واحِدٌ أحد فرد صمد لم يكن له كفو ولا شريك، ليس كمثله شيء، وليس هو مثل شيء، وما يظهر وما ينكشف توحيده سبحانه إلا لأولي العزائم والنهى من أرباب المحبة والولاء.

ومن لم يتحقق بهذه الجملة قطعًا، وبشهادة البراهين له تفصيلًا فهو فى دركات الشّرك واقع، وعن حقائق التوحيد بمعزل.

 

 {فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} وأحوالها التي من جملتها ما ذكر من البعث وما يعقبه من الجزاء المستلزم لعقوبتهم وذلتهم.

والفاء للإيذان بأن إصرارهم على الإنكار واستمرارهم على الاستكبار وقع موقع النتيجة للدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة.

 {قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ} يحتمل منكرة للإيمان بالآخرة والبعث بعد الموت، أو قلوبهم منكرة لجعل الألوهية والربوبية لواحد وصرف العبادة إليه؛ كقولهم: }أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ{.

ويحتمل }قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ{ لما جاء به الرسول، وهم مستكبرون على ما جاء به من اللَّه تعالى.

 {وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ} عن الاعتراف بها أو عن الآيات الدالة عليها، ويحتمل أنهم مستكبرون عن عبادة الله مع إنكار قلوبهم لتوحيده.

ويحتمل مستكبرون على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لم يروه أهلًا لخضوع أمثالهم لمثله، أو مستكبرون إلى ما دعتهم الرسل؛ لأن الرسل جميعًا دعوا الخلق إلى وحدانية اللَّه وجعل العبادة له.

 والمعنى أن الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ المعدة لشرف اللقاء قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ بها وبلقاء الله فيها، وَهُمْ من شدة شكيمتهم وكثافة حجبهم، سيما مع إنزال الكتب المبينة لأحوالها وأهوالها وإرسال الرسل المنبهين لهم عليها، مُسْتَكْبِرُونَ متمردون عتوًا وعنادًا.

فإن الكفر بالأخرة وبما فيها من البعث والجزاء المتنوع إلى الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية يؤدي إلى قصر النظر على العاجل والإعراض عن الدلائل السمعية والعقلية الموجب لإنكارها وإنكار مؤداها والاستكبار عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وتصديقه، وأما الإيمان بها وبما فيها فيدعو لا محالة إلى التأمل في الآيات والدلائل رغبة ورهبة فيورث ذلك يقينًا بالوحدانية وخضوعًا لأمر الله تعالى.

فالمتأمل يجد أن السياق يجمع بين الإيمان بوحدة اللّه والإيمان بالآخرة، بل يجعل إحداهما دالة على الأخرى لارتباط عبادة اللّه الواحد بعقيدة البعث والجزاء، فبالآخرة تتم حكمة الخالق الواحد ويتجلى عدله في الجزاء.

وكل ما سبق في سورة النحل من آيات الخلق وآيات النعمة وآيات العلم يؤدي إلى هذه الحقيقة الكبيرة البارزة، الواضحة الآثار في نواميس الكون وتناسقها وتعاونها، فالذين لا يسلمون بهذه الحقيقة، ولا يؤمنون بالآخرة - وهي فرع عن الاعتقاد بوحدانية الخالق وحكمته وعدله - هؤلاء لا تنقصهم الآيات ولا تنقصهم البراهين، إنما تكمن العلة في كيانهم وفي طباعهم. إن قلوبهم منكرة جاحدة لا تقر بما ترى من الآيات، وهم مستكبرون لا يريدون التسليم بالبراهين والاستسلام للّه والرسول - صلى الله عليه وسلم -.

فالعلة أصيلة والداء كامن في الطباع والقلوب!

مرات القراءة: 743

مرات الطباعة: 38

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك