SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
مع الأنبياء

معالم التوحيد في دعوة يوسف عليه السلام (3)

معالم التوحيد في دعوة يوسف عليه السلام
معالم التوحيد في دعوة يوسف عليه السلام

بتاريخ: 2018-09-18 08:09:26

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

قال الله تعالى:

}وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ{ [يوسف: 38].

يمضي يوسف - عليه السلام - بعد بيان معالم ملة الكفر ليبين معالم ملة الإيمان التي يتبعها هو وآباؤه ففي هذه الآيات يعرض يوسف - عليه السلام - ملامح دعوة التوحيد، فإنه لم يبتدع شيئًا جديدًا، وإنما هو امتداد لدعوة الأنبياء من قبله، وقد قدم إبراهيم - عليه السلام - لكونه أصل الملة الحنيفية.

وهذه الكلمات التي قالها مسوقة لبيان علة تعليم الله له بالوحي والإلهام، أي خصني بذلك لترك الكفر، وسلوك طريق آبائي المرسلين، أو كلام مستأنف، ذكر تمهيدًا للدعوة، وإظهار أنه من بيت النبوة، لتقوى رغبتهما في الاستماع إليه، والوثوق به، ومن ثم قبول دعوة التوحيد.

{وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} يقول يوسف - عليه السلام -:هجرت طريق الكفر والشرك، وسلكت طريق هؤلاء المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

يعني أنه إنما حاز هذه الكمالات وفاز بتلك الكرامات بسبب أنه اتبع ملة آبائه الكرام ولم يتبع ملة قوم كفروا بالمبدأ والمعاد، وإنما قاله - عليه السلام - ترغيبًا لصاحبيه في الإيمان والتوحيد، وتنفيرًا لهما عما كانا عليه من الشرك والضلال، وقدم ذكر تركه لملتهم على ذكر اتباعه لملة آبائه لأن التخلية متقدمة على التحلية.

وفيه: أن الملة ليست إلا ملتين: ملة كفر، وملة إسلام. وأخبر أن من لم يكن في ملة الإسلام كان في ملة الكفر. ثم خص بذكر هَؤُلَاءِ: إبراهيم وإسحاق ويعقوب - عليهم السلام - لأن هَؤُلَاءِ كانوا مكرمين عند الناس كافة، كل أهل الدِّين يدعون أنهم على دين أُولَئِكَ؛ فأخبر أنهم على دين الإسلام.

}مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ{، فهو فسر تلك الملة بقوله: {مَا كَانَ لَنَا} أي: ما ينبغي ولا يليق بنا {أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} أي شيء كان من ملك أو جني أو إنسي فضلًا عن الجماد، بل نفرد الله بالتوحيد، ونخلص له الدين والعبادة.

{ذلك} أي التوحيد المدلول عليه بقوله ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء.

}مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ{، أي: من فضل الله علينا وعلى الناس هذا التوحيد وهو الإقرار بأنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له من فضل الله علينا أي أوحاه إلينا وأمرنا به، وعلى الناس إذ جعلنا دعاة لهم إلى ذلك.

فلا أفضل من منة الله على العباد بالإسلام والدين القويم، فمن قبله وانقاد له فهو حظه، وقد حصل له أكبر النعم وأجل الفضائل.

}وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ{، أي: لا يعرفون نعمة الله عليهم بإرسال الرسل إليهم، بل بدلوا نعمت الله كفرًا وأحلوا قومهم دار البوار.

وقيل: ذلك التوحيد من فضل الله علينا حيث نصب لنا أدلة ننظر فيها ونستدل بها على الحق وقد نصب مثل تلك الأدلة لسائر الناس أيضًا ولكن أكثرهم لا ينظرون ولا سيتدلون بها إتباعًا لأهوائهم فيبقون كافرين غير شاكرين.

وقيل أيضًا أن ذلك التوحيد من فضل الله علينا، حيث أعطانا عقولًا ومشاعر نستعملها في دلائل التوحيد التي مهدها في الأنفس والآفاق، وقد أعطى سائر الناس أيضًا مثلها ولكن أكثرهم لا يشكرون أي لا يصرفون تلك القوى والمشاعر إلى ما خلقت هي له ولا يستعملونها فيما ذكر من أدلة التوحيد الآفاقية والأنفسية والعقلية والنقلية.

وفي هذا من الترغيب للطريق التي هو عليها ما لا يخفى، فإن الفتيين لما تقرر عنده أنهما رأياه بعين التعظيم والإجلال - وأنه محسن معلم - ذكر لهما أن هذه الحالة التي أنا عليها، كلها من فضل الله وإحسانه، حيث منَّ عليَّ بترك الشرك وباتباع ملة آبائه، فبهذا وصلت إلى ما رأيتما، فينبغي لكما أن تسلكا ما سلكت.

فالآية فيها بيان ملة التوحيد الخالص الذي لا يشرك باللّه شيئًا قط، وأن الهداية إلى التوحيد فضل من اللّه على المهتدين، وهو فضل في متناول الناس جميعًا لو اتجهوا إليه وأرادوه، ففي فطرتهم أصوله وهواتفه، وفي الوجود من حولهم موحياته ودلائله، وفي رسالات الرسل بيانه وتقريره، ولكن الناس هم الذين لا يعرفون هذا الفضل ولا يشكرونه!

مرات القراءة: 603

مرات الطباعة: 3

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك