SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
مع الأنبياء

معالم التوحيد في دعوة يوسف - عليه السلام - (10)

معالم التوحيد في دعوة يوسف - عليه السلام - (10)
معالم التوحيد في دعوة يوسف - عليه السلام - (10)

بتاريخ: 2018-11-06 06:48:20

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

ما أعظم أن يتصف الإنسان بالتقوى والصبر، وبهما وُصف نبي الله يوسف - عليه السلام -، وبهما يجب أن يتحلى دعاة التوحيد، فيتقون الله - عز وجل - في كل ما يصدر منهم من قول أو فعل، ويصبرون على ما قد يصيبهم جراء تبليغ دين الله - سبحانه وتعالى -.

قال تعالى:

}قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ{ [يوسف: 90].

فقد }مَنَّ اللَّهُ{ عليه بالتمكين في الدنيا، والخلاص عما ابتلي به والاجتماع بعد الفرقة، والعزة بعد الذلة، والأنس بعد الوحشة.

وذلك بسبب الصبر والتقوى، {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ{ أي يتقي فعل ما حرم الله، ويفعل التقوى في جميع أحواله أو يق نفسه عما يوجب سخط الله تعالى وعذابه، }وَيَصْبِرْ} أي: يصبر على المحن، أو على مشقة الطاعات، أو عن المعاصي التي تستلذها النفس ويصبر على الآلام والمصائب، وعلى الأوامر بامتثالها، }فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ{.

ووصف يوسف - عليه السلام - نفسه في هذا المقام الشَّريف بكونه متقِيًا، تأكيدًا لبراءته مما اتهم به، ولو أنه أقدم على المعصية كما قالوا في حق امراة العزيز، لكان هذا القول كذبًا منه، وذكر الكذب في مثل هذا المقام الذي يؤمن فيه الكافر، ويتوب فيه العاصي لا يليق بالعقلاء الأنقياء.

فمَنْ يَتَّقِ ربه في جميع أحواله وَيَصْبِرْ على الضراء، وعن المعاصي فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ، وفيها تنبيه على أن المنعوتين بالتقوى والصبر، موصوفون بالإحسان.

وقد أراد يوسف - عليه السلام - تعليم إخوته وسائل التعرض إلى نعم الله تعالى، وحثهم على التقوى والتخلق بالصبر تعريضًا بأنهم لم يتقوا الله فيه وفي أخيه، ولم يصبروا على إيثار أبيهم إياهما عليهم.

وهذا من أفانين الخطابة أن يغتنم داعية التوحيد الفرصة لإلقاء الموعظة، وهي فرصة تأثر السامع وانفعاله وظهور شواهد صدق الواعظ في موعظته.

وهذا في مقام التحدث بالنعمة وإظهار الموعظة سائغ للأنبياء لأنه من التبليغ كقول النبي صلى الله عليه وسلم "إني لأتقاكم لله وأعلمكم به".

وهذه الآية هي خلاصة القصة ودرسها الأهم، وهي خلاصة المحن العظام التي اجتازها نبي الله يوسف - عليه السلام - واحدة تلو الأخرى، ومعناها أن العبد لا يرتقي إلى مطلوبه وينال مراده إلا بالتقوى والصبر.

وقد جمعت هذه الآية جميع مطلوبات الله - عز وجل - من العبد، وجواز مروره إلى رضوان الله تعالى، إذ لابد لكل مُؤمن من أمر يمتثله ونهي يجتنبه وقَدَر يرضى به، فأقلُّ حالة لا يخلو المؤمن فيها من أحد هذه الأشياء الثلاثة، فينبغي له أن يلزم هَمُّها قلبه، وليُحدِّث بها نفسه ويأخُذ بها الجوارِح في سائر أحواله.

 وهي مطابقة لقوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120]، ولقوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: 186]، فإن التقوى تتضمن فعل المأمور وترك المحظور، والصبر يتضمن الصبر على المقدور، فالثلاثة ترجع إلى هذين الأصليين، والثلاثة في الحقيقة ترجع إلى امتثال الأمر وهو طاعة الله سبحانه ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

فالحق الذي نطقت به الشرائع وأرشدت إليه التجارب هو: من يتق الله فيما به أمر وعنه نهى، ويصبر على ما أصابه من المحن وفتن الشهوات والأهواء، فلا يستعجل الأقدار بشيء قبل أوانه، فإن الله لا يضيع أجره فى الدنيا ثم يؤتيه أجره فى الآخرة.

مرات القراءة: 768

مرات الطباعة: 3

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك