SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
كلمة الموقع

«حتى يغيروا ما بأنفسهم..»!!

قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} (الرعد:11).

هذه الآية الكريمة العظيمة ترتبط بها أحوال الخلق وتقلبات أمورهم؛ فإن معنى الآية الذي يدور أغلب كلام المفسرين عليه أن الله لا يغير حال قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وذلك شامل لتغيير حالتهم الدنيوية من خير إلى شر، أو من شر إلى خير، فبسبب معاصيهم يتغير حالهم من سعادة لشقاء، والعكس كذلك!

قال العلاّمة الشنقيطي رحمه الله: "بيّن تعالى في هذه الآية الكريمة: أنه لا يغير ما بقوم من النعمة والعافية حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة الله جل وعلا. والمعنى: أنه لا يسلب قوما نعمة أنعمها عليهم حتى يغيروا ما كانوا عليه من الطاعة والعمل الصالح، وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الأنفال:53). وقوله: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (الشورى: 30). وقد بين في هذه الآية أيضاً: أنه إذا أراد قوما بسوء فلا مرد له، وبين ذلك في مواضع أخر كقوله: {وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} (الأنعام: 147). ونحوها من الآيات. وقوله في هذه الآية الكريمة {حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ..} يصدق بأن يكون التغيير من بعضهم كما وقع يوم أحد بتغيير الرماة ما بأنفسهم فعمت البلية الجميع، وقد سئل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثير الخبث" انتهى كلامه رحمه الله.

 

وحول المعنى نفسه.. يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: وهل زالت عن أحد قط نعمة إلا بشؤم معصيته؟! فإن الله إذا أنعم على عبد بنعمة حفظها عليه ولا يغيرها عنه؛ حتى يكون هو الساعي في تغييرها عن نفسه {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} (الرعد: 11). ومن تأمل ما قص الله تعالى في كتابه من أحوال الأمم الذين أزال نعمه عنهم وجد سبب ذلك جميعه إنما هو مخالفة أمره وعصيان رسله، وكذلك من نظر في أحوال أهل عصره وما أزال الله عنهم من نعمه وجد ذلك كله من سوء عواقب الذنوب كما قيل:  "إذا كنت في نعمة فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم"!

فما حفظت نعمة الله بشيء قط مثل طاعته، ولا حصلت فيها الزيادة بمثل شكره، ولا زالت عن العبد بمثل معصيته لربه، فإنها نار النعم التي تعمل فيها كما تعمل النار في الحطب اليابس.." انتهى كلامه رحمه الله.

إنها لموعظة بليغة لكل مسلم ومسلمة؛ فما بنا من نعمة فمن الله، وما من مصيبة إلا بذنب، ولا تغيير للحال إلى خير منها (في رضا الجليل سبحانه) إلا بإرادة نابعة من الإيمان بالله والصدق في طلب رضاه. أما من يعدُ نفسه ويسوّفها.. ويتمنى على الله الأماني؛ فقد تنكب هذا الصراط السوي وطلب المعالي من غير سعي إليها؛ فمثله كمن يحرث في البحر أو يطلب في الماء جذوة نار!

فهل من وقفة مع النفس، ومراجعة للأمس، تقود لصلاح اليوم.. ونجاة الغد؟!

مرات القراءة: 1127

مرات الطباعة: 79

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك