SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
مع الأنبياء

معالم التوحيد في دعوة يوسف عليه السلام - (11)

معالم التوحيد في دعوة يوسف عليه السلام - (11)
معالم التوحيد في دعوة يوسف عليه السلام - (11)

بتاريخ: 2018-11-14 07:09:15

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

الداعية إلى التوحيد هو أعلم الخلق بالخالق - سبحانه وتعالى - وأشد الناس حرصًا على تذكر نعم الله - عز وجل - عليه، مشاهدًا لطف الله في تدبير الأمور وتصريفها.

وهذه الخصال الطيبة قد جُمعت في نبي الله يوسف - عليه السلام - كما قص علينا القرآن الكريم في قول الله تعالى:

}وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ{ [يوسف: 100].

يقدم يوسف - عليه السلام - بين يدي النعم قوله }وَقَدْ أَحْسَنَ بِي{ أي: أحسن إلي إحسانًا جسيمًا، ولم يقل: "أحسن بكم" بل قال {أَحْسَنَ بِي}، فجعل الإحسان عائدًا إليه، فتبارك من يختص برحمته من يشاء من عباده، ويهب لهم من لدنه رحمة إنه هو الوهاب.

ثم يعدد نعم اللّه - عز وجل - عليه }أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ{، وَقَدْ أَحْسَنَ بِي بأنواع الإحسانات إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ بعد ما كنت فيه مدة مديدة، وَأعظم منه أنه قد جاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ والبادية البعيدة سيما مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ وأوقع الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي بأنواع الإيقاعات والوساوس.

وهذا من لطفه وحسن خطابه - عليه السلام -، حيث ذكر حاله في السجن، ولم يذكر حاله في الجب، لتمام عفوه عن إخوته، وأنه لا يذكر ذلك الذنب، وأن إتيانكم من البادية من إحسان الله إلي.

ثم يذكر لطف اللّه - عز وجل - في تدبيره لتحقيق مشيئته: }إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ{، يحقق مشيئته بلطف ودقة خفية لا يحسها الناس ولا يشعرون بها، فهو - سبحانه - إذا أراد أمرًا قيض له أسبابًا وقدره ويسره، لطيف التدبير لأجله رفيق حتى يجيء على وجه الحكمة والصواب، ما من صعب إلا وهو بالنسبة إلى تدبيره سهل.

ومن جميل لطفه أنه يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها وإن كان في غاية البعد عن الحصول عند العقول.. فمن ذا الذي كان يدور بخلده أن الإلقاء في الجبّ يعقبه الرق، ويتلو الرق فتنة العشق، ومن أجله يزج في غيابات السجن، ومن ذا إلى السيادة والملك!

وهذا اللطف بالعباد إنما هو علم وحكمه، فهو - سبحانه - {الْعَلِيمُ} الذي يعلم ظواهر الأمور وبواطنها، وسرائر العباد وضمائرهم، {الْحَكِيمُ} في وضعه الأشياء مواضعها، وسوقه الأمور إلى أوقاتها المقدرة لها.

فهو - سبحانه وتعالى - عليم بمصالح عباده، الحكيم في أقواله وأفعاله وقضائه وقدره وما يختاره ويريده، وهو ذات التعبير الذي قاله يعقوب - عليه السلام - وهو يقص عليه رؤياه في مطلع القصة: }إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{، ليتوافق البدء والختام حتى في العبارات.

وبالجملة يقول داعية التوحيد يوسف - عليه السلام - إِنَّ رَبِّي الذي رباني بأنواع اللطف والكرم لَطِيفٌ مدبر كامل وموفق كافل لِما يَشاءُ من الأمور ويريد إصلاحه إِنَّهُ بذاته هُوَ الْعَلِيمُ بعلمه الحضوري بمصالح عباده الْحَكِيمُ المتقن في أفعاله على مقتضى ما تعلق به علمه وإرادته.

فقد شهد - عليه السلام - إحسانه فشكره.. ثم نطق عن عين التوحيد شاهدا بلطف الله - عز وجل - به وبأبيه وأخوته.

مرات القراءة: 642

مرات الطباعة: 43

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك