SNW

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

  قبســـات

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: وجملة التوكل؛ تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه، والثقة به.



1441533093_7507069134.jpg
هدى ونور

مفاتيحُ الغيبِ

مفاتيحُ الغيبِ
مفاتيحُ الغيبِ

بتاريخ: 2018-11-26 07:17:09

اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال:

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مفاتيحُ الغيبِ خمس، لا يعلمُها إلا الله: لا يعلمُ ما تَغيضُ الأرحامُ إلا اللهُ، ولا يعلمُ ما في غدٍ إلا اللهُ، ولا يعلمُ متى يأتي المطرُ أحدٌ إلا اللهُ، ولا تدري نفسٌ بأي أرضٍ تموتُ إلا اللهُ، ولا يعلمُ متى تقومُ الساعةُ إلا اللهُ". (البخاري: 7379)

وهذا الحديث إيضاح لقوله - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34].

وعبر "بالمفاتيح" لتقريب الأمر على السامع؛ لأن كل شيء جعل بينك وبينه حجاب فقد غيب عنك، والتوصل إلى معرفته في العادة من الباب، فإذا أغلق الباب احتيج إلى المفتاح، فإذا كان الشيء الذي لا يطلع على الغيب إلا بتوصيله لا يعرف موضعه فكيف يعرف المغيب؟!

وقوله: "ما تغيض الأرحام" إشارة إلى ما يزيد في النفوس، وما ينقص منها؛ وذكر الأرحام؛ لأن للناس عليها عوائد يعرفونها؛ وتجارب أدركوها، وقد قرر عليها أحكام شرعية، ومع ذلك لا يعلم حقيقتها، ومتى تزيد ومتى تنقص إلا الله - تعالى -، فغيرها مما هو أخفى أولى بأن لا يعلمه الخلق.

وأشار بقوله: "ولا يعلم ما في غد إلا الله" إلى أنواع الزمان، وما فيه من الحوادث والتقلبات الطارئة، وخص منه غدًا؛ لأنه أقرب الأزمنة من المخاطب، فإذا خفي ما فيه فما بعده أخفى، وأبعد عن معرفته.

وأشار بقوله: "ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله تعالى" إلى أمور العالم العلوي، فذكر منه المطر؛ لأن له مقدمات، وعلامات يستدل بها عليه عادة، أجراها الله - تعالى -، ومع ذلك لا يعلم حقيقة الحال إلا الله - تعالى -، فكيف بما وراء ذلك مما في السماوات وما بينهما، وما يجد هناك من المخلوقات، والحوادث، والأوامر التي يريدها الله - تعالى -، ويأمر بها؟

وأشار بقوله: "وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ"، إلى الحوادث الأرضية، وذكر موضع الموت من الأرض، مع أن العادة قد جرت في الغالب أن الإنسان يموت في الأرض التي يستقر فيها؛ ومع ذلك لا أحد يتيقن أنه يموت في مكانه الذي يعيش فيه، ولا يدري أين موضعه الذي يوارى فيه.

فإذا كان الأمر في مثل هذا غير معلوم، فكيف بالأمور الأخرى التي لا علامات لها، ولا مقدمات يستدل بها عليها؟

وأشار بقوله: "ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله" إلى أمور الدار الآخرة، وذكر منها يوم القيامة؛ لأنه أولها إلى الدنيا، ولا يعلم وقت مجيئه إلا الله، فما بعده أولى بأن لا يعلم.

فهذا من أبدع الكلام، وأبلغه، فقد حصر فيه جميع أنواع الغيوب، وأبطل جميع الدعاوى الفاسدة.

وغرضه فى هذا إثبات علم الله تعالى صفة لذاته؛ إذ العلم حقيقة فى كون العالم عالمًا، إذ من المحال كون العالم عالمًا ولا علم له، وكذلك سائر أوصافه المقتضية للصفات التى هى حقيقة فى ثبات الأوصاف المجرأة عليه تعالى من كونه حيًا وقادرًا وما شابه ذلك خلافًا لما تقوله القدرية من أنه عالم قادر حى بنفسه لا بقدرة ولا بعلم ولا بحياة، ثم إذا ثبت كون علمه قديمًا وجب تعلقه بكل معلوم على حقيقته، وقد نص البارى تعالى على إثبات علمه بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) [لقمان: 34]، وبقوله تعالى: (أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ) [النساء: 166]، فمن دفع علم الباري - تعالى - الذي هو حقيقة في كونه عالمًا، وزعم أنه عالم بنفسه لا بعلم فقد رد نصه تعالى على إثبات العلم الذى هو حقيقة فى كونه عالمًا ولا خلاف بين رد نصه على أنه ذو علم وبين نصه على أنه عالم، فالنافي لعلمه كالنافي لكونه عالمًا.

وأما ما ثبت بنص القرآن أن عيسى - عليه السلام - قال إنه يخبرهم بما يأكلون وما يدخرون، وأن يوسف - عليه السلام - قال إنه ينبئهم بتأويل الطعام قبل أن يأتي إلى غير ذلك مما ظهر من المعجزات والكرامات فكل ذلك يمكن أن يستفاد من الاستثناء في قوله {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا {26} إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا {27} لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ} [الجن: 26 - 28]، وهو من معجزاتهم التي تدل على صدقهم.

ودل الحديث على أن هذه الأمور ليست هي الغيب، وإنما هي منه؛ وأن علم الغيب من خصائص الله تعالى.

وبهذا يتبين ضلال الذين يزعمون أن فريقًا من الناس- ممن يدعون لهم الولاية - أنهم يعلمون الغيب، وكذا الذين يدعون ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يعلم الغيب إلا الله تعالى.

وأما أصحاب الدجل والتمويه، الذين يحتالون على أكل أموال الناس بالباطل، كالذين يزعمون معرفة ما في المستقبل، بواسطة النجوم، أو بقراءة الكف، أو فنجان القهوة، ونحو ذلك، فهؤلاء لا يخفى ضلالهم وكذبهم.

مرات القراءة: 735

مرات الطباعة: 34

* مرفقات الموضوع
 
تعليقات الموقع تعليقات الفيسبوك