تُثار شبهة فيها إساءة الظّن بنبي الله يعقوب - عليه وعلى نبيّنا الصّلاة والسّلام - إذ كيف لا يعدل بين أولاده، ويقرّب يوسف - عليه السلام - تارة وبنيامين تارة أخرى حتى يجعل إخوته يغارون من تفضيلهما، وهو ما جاء في كتاب الله - عز وجل -، }إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{ [يوسف: 8].
الرد:
أن يعقوب - عليه السلام - ما كان ليفضل أحد الأبناء على الآخرين، إنّما هي المحبّة القلبية، والمحبّة تظهر بعض العلامات، ولهذا هم قالوا} لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ{، "أحبُّ" ما قالوا: يعطيهم كذا ويفضلهم.
فحب يعقوب ليوسف - عليهما السلام - لا يتعارض مع النبوة ولا العصمة، بل ضرب الله به المثل في حب الأبوة وهو يسير بجانب النبوة دون تقصير في جانب الرسالة المنوط بها يعقوب النبي - عليه السلام -، إذ لم يرد أنه كتب لابنه يوسف - عليه السلام - مالًا أو عرضًا من الدنيا زيادة عن إخوته، ولكن كان حبه ليوسف - عليه السلام - في عدم استطاعته فراق ابنه عنه، ولو لقليل من الوقت.
ولننظر في رواية عائشة - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم: كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يعدِلُ في القَسْمِ بين نِسائِه، ويقولُ: "اللَّهُمَّ هذا قَسْمِي فيمَا أملِكُ، فلا تلُمْنِي فيما لا أملِكُ"، يعني القلبَ"، وكان معلوم حبه لعائشة - رضي الله عنها - دون زوجاته، ولكنه لم يتعدي في حقوق الآخرين، وهكذا كان نبي الله يعقوب - عليه السلام - في حبه ليوسف - عليه السلام -.