الرد على شبهات حول عصمة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - (19)
- اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
- 2023/11/16
- 0 تعليق
- 94 قراءة
تدور الشُّبهة حول قول الله - تعالى - في زواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بزوجة زيد بن حارثة المطلقة: }وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ{ [الأحزاب: 37]، فكيف يتلاءم مثل هذا القول مع العصمة مع ما فيه من تأنيب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والجواب على هذه الشبهة على النحو التالي:
كان سبب نزول هذه الآيات أن الله - تعالى - أراد أن يشرع شرعًا عامًّا للمؤمنين أنَّ الأدعياء ليسوا في حُكم الأبناء حقيقة مِنْ جميع الوجوه، وأَنَّ أزواجهم لا جناح على مَنْ تبناهم في نكاحهن.
وكان هذا من الأمور المعتادة التي لا تكاد تزول إلا بحادث كبير، فأراد - عز وجل - أن يكون هذا الشرع قولًا من رسوله وفعلًا، وإذا أراد الله أمرًا جعل له سببًا، وكان زيد بن حارثة - رضي الله عنه - يُدعَا زيد بن محمد فقد تبناه النبي صلى الله عليه وسلم وصار يُنسب إليه حتى نزل {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} فقيل له: \"زيد بن حارثة\".
وكانت تحت زيد بن حارثة \"زينب بنت جحش\" وهي ابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد وقع في قلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لو طلقها زيد، لتزوَّجها، فقدر الله أن يكون بينها وبين زيد، ما اقتضى أن جاء زيد بن حارثة يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في فراقها.
قال الإمام القرطبي - رحمه الله -: روي عن علي بن الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أوحى الله - تعالى - إليه أن زيدًا يطلق زينب، وأنه يتزوجها بتزويج الله إياها، فلمَّا تشكى زيد للنبي صلى الله عليه وسلم خُلُق زينب، وأنها لا تطيعه، وأعلمه أنه يريد طلاقها، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على جهة الأدب والوصية: اتق الله في قولك، وأمسك عليك زوجك، وهو يعلم أنه سيفارقها ويتزوجها، وهذا هو الذي أخفى في نفسه، ولم يُرد أن يأمره بالطلاق؛ لما علم أنه سيتزوجها، وخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلحقه قول من الناس في أن يتزوج زينب بعد زيد، وهو مولاه، وقد أمره بطلاقها، فعاتبه الله - تعالى - على هذا القدْر من أن خشي الناس في شيء قد أباحه الله له، بأن قال: أمسك مع علمه بأنه يطلِّق، وأعلمه أن الله أحق بالخشية، أي: في كل حال.
والمراد بقوله تعالى: }وَتَخْشَى النَّاسَ{ إنما هو إرجاف المنافقين بأنه نهى عن تزويج نساء الأبناء وتزوَّجَ بزوجة ابنه.
فالخشية هنا معناها أن يستحي منهم أن يقولوا تزوَّج زوجة ابنه، وأن خشيته صلى الله عليه وسلم كانت من إرجاف المنافقين واليهود وتشغيبهم على المسلمين بقولهم: تزوَّج زوجة ابنه بعد نَهْيِهِ عن نكاح حلائل الأبناء.
كما أن هذا العمل الذي صدر بأمر الله، ومن أجل القضاء على تقليد من التقاليد الجاهلية المنحرفة كان يخشى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يحمله الناس لضعف إيمانهم على ميوله ورغباته الشخصية، وأن يؤدي إلى ارتدادهم عن الدين، وقد أطلعه الله - تعالى - في هذه الآية الكريمة على أن المصلحة في مكافحة هذا التقليد المنحرف أكثر أهمية، والأجدر به أن يكون أكثر خشية وخوفًا من مخالفة الإرادة الإلهية القائمة على مكافحة نبيه عمليًا لهذا التقليد الخاطئ.
ومن الأمور المستفادة من هذه الآية أن الرسول صلى الله عليه وسلم، قد بلغ البلاغ المبين، فلم يدع شيئًا مما أوحي إليه، إلا وبلغه، حتى هذا الأمر، وهذا يدل، على أنه رسول الله، ولا يقول إلا ما أوحي إليه.
تعليقات
{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}
{{comment.Description}}
إضافة تعليق