شبهة تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم للحجر الأسود
- اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
- 2023/11/16
- 0 تعليق
- 144 قراءة
يقول بعض أهل الشبهات أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يعظم الحجر الأسود، ويعظم الكعبة كلها بالطواف حولها، وهى حجر لا يختلف - في زعمهم - عن الأحجار التي كانت تصنع منها الأوثان في الجاهلية.
والرد على هذه الشبهة من وجوه كالتالي:
أولًا: أن من بعض ما استبقاه الإسلام من أحوال السابقين ما كان فيه من تعاون على خير أو أمر بمعروف ونهى عن منكر، من ذلك ثناء الرسول - صلى الله عليه وسلم - على حلف كان في الجاهلية يسمى \"حلف الفضول\" وهو عمل إنساني كان يتم من خلاله التعاون على نصرة المظلوم، وفداء الأسير، وإعانة الغارمين، وحماية الغريب من ظلم أهل مكة.
ومما استبقاه الإسلام من فضائل السابقين مما ورثوه عن إبراهيم - عليه السلام - تعظيمهم للبيت الحرام وطوافهم به؛ بل وتقبيلهم للحجر الأسود.
ثانيًا: تقبيل الرسول - صلى الله عليه وسلم - للحجر الأسود ليس من باب المجاراة أو المشاكلة لعبدة الأصنام فيما كانوا يفعلون، بلهو وحى وجزء من مناسك زيارة البيت الحرام للعمرة أو الحج.
فتعظيم الحجر الأسود هو امتثال لأوامر الله - تعالى - الذي أمر بتعظيم هذا الحجر بالذات، فالأمر لا يعدو كونه إقرارًا بالعبودية لله - تعالى - وامتثالًا لأوامره - عز وجل - واستسلامًا لأحكامه.
ثالثًا: جاءت بعض الأحاديث الواردة في فضل الحجر الأسود وأنه من الجنة فهو ليس كباقي الأحجار الأُخرى، ومنها:
- روى البيهقي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: \"لولا ما مس الحجر من أنجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي وما على الأرض شيء من الجنة غيره\".
- روى الحاكم وغيره قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: \"إن الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة\".
ومن خلال هذين الحديثين نستطيع أن نعرف سبب القدسية والاهتمام الذي يحظى به الحجر الأسود .
رابعًا: إن من يعبد شيئًا - مهما كانت طبيعته - فإنه يعتقد أن له سلطة غيبية ينعكس تأثيرها على الواقع، وبالتالي فإن العابد يتقرّب إلى معبوده رجاء للنفع أو دفعًا للضرّ، وهو في الوقت ذاته يعتقد أن التقصير في حق هذا المعبود أو ترك عبادته يترتّب عليه حصول الضرر ووقوعه كنوع من العقاب، ومثل هذا مشاهدٌ في واقع الناس اليوم من أتباع الوثنية المنتشرة في أرجاء الأرض، إذ يلاحظ في أتباعها خضوعًا لمعبوداتهم رغبةً في جلب المنافع المختلفة، أو دفع المضارّ من القحط والجفاف ونحوه، مع تعلّق قلوبهم بهذا المعبود خشية منه ورهبة من سلطانه .
وهذا كحال كفار قريش الذين كانوا يعبدون الأصنام والأوثان اعتقادًا منهم أن تنفع أو تضر، قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَ?ؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ? قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ? سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى? عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18].
أما النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - فلم يعبد الحجر الأسود لأنه يره يملك الضرّ والنفع، ولكن لأن الله - تعالى - الذي يملك الضر والنفع هو الآمر بذلك.
ويقرّر ذلك الصحابيّ الجليل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بقوله: \"إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك\".
وعليه فإنه لا قدسية لأحجار الكعبة بذاتها، وإنما اكتسب الحجر الأسود هذه المزية لأمر الله - تعالى - بتقبيله، ولو لم يرد ذلك الأمر لم يكن لأحد أن يقوم بتقديسه أو تقبيله .
فمن أحبّ شيئًا ولم يخضع له فليس بعابد له، ومن خضع لشيء دون أن يحبّه فهو كذلك ليس بعابد له، ومعلوم أن تقبيل الحجر الأسود هو فعلٌ مجردٌ من الخضوع والذلّ لذلك الحجر .
خامسًا: إن من يعبد شيئًا فلا شكّ أنه يرى في معبوده أنه أعلى منه وأفضل منه؛ لأن العابد لا يعبد من يرى أنه مثله أو أدنى منه منزلةً وقدرًا، ونحن نعلم أن حرمة المؤمن أعظم من حرمة الكعبة، كما جاء عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال في الكعبة: \"ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك\".
فما سبق يبيّن لنا نظرة الشرع للمسلم في كونه أعظم حرمةً من الكعبة بما فيها الحجر الأسود، فكيف يصحّ أن يقال إن المسلمين يعبدون هذا الحجر؟!
تعليقات
{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}
{{comment.Description}}
إضافة تعليق