logo

الرد على شبهات حول عصمة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - (17)

الرد على شبهات حول عصمة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - (17)

  • اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
  • 2023/11/16
  • 0 تعليق
  • 99 قراءة

تدور الشبهة حول مخاطبة الله - تعالى - للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بعدم التردد أو الشك، كما جاء في قوله تعالى مخاطبًا النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

}فَإِن كُنتَ فِي شَكّ‏ٍ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقّ‏ُ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنّ‏َ مِنَ الْمُمْتَرِين{ [يونس: 94]

وفي الآيات (147) من سورة البقرة، و(60) من آل عمران، و(114) من الأنعام و(17) من هود، و(23) من سورة السجدة ينهى فيها الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم عن الشك والترديد، فكيف يمكن القول بأن إدراك الوحي لا يقبل الشك والتردد؟

والجواب عن هذه الشبهة:

إن هذه الآيات لا تدل على وقوع الشك والتردد فعلًا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل إنها في صدد التأكيد على أنه لا مجال للشك والتردد في رسالته، وفي أن القرآن الكريم ومحتوياته على حق.

قال البغوي: قيل: هذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره على عادة العرب فإنهم يخاطبون الرجل ويريدون به غيره؛ كقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ{ [الأحزاب: 1]: خاطب النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به المؤمنون بدليل أنه قال: }إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا{، ولم يقل بما تعمل، وقال: }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ{ [الطلاق: 1].

وقيل: كان الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بين مصدق ومكذب وشاك فهذا الخطاب مع أهل الشك معناه: إن كنت أيها الإنسان في شكٍ مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك.

 - قال ابن عباس ومجاهد والضحاك: يعني مَنْ آمَنَ مِنْ أهلِ الكتابِ كعبد الله بن سَلَامٍ وأصحابه، فسيشهدون على صدق محمد صلى الله عليه وسلم ويخبرونك بنبوته.

 - قال الفَرَّاء: عَلِمَ اللهُ - سبحانه وتعالى - أَنَّ رسولَهُ غير شاكٍّ، لكنه ذكره على عادة العرب يقول الواحد منهم لعبدِهِ: إنْ كُنْتَ عَبْدِي فأطعني، ويقول لولده: افعل كذا وكذا إن كنتَ ابنِي، ولا يكون بذلك على وجه الشكِّ.

 - قال أبو السعود في \"تفسيره\": والمراد إظهار نبوته صلى الله عليه وسلم بشهادة الأحبار حسبما هو المسطور في كتبهم وإن لم يكن إليه حاجة أصلًا أو وصف أهل الكتاب بالرسوخ في العلم بصحة نبوته صلى الله عليه وسلم أو تهييجه صلى الله عليه وسلم وزيادة تثبيته على ما هو عليه من اليقين لا تجويز صدور الشك منه صلى الله عليه وسلم ... وقيل الخطاب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم والمراد أمته، أو لكل من يسمع، أي: إنْ كُنْتَ -أيها السامع- في شَكٍّ مما أنزلنا إليك على لسان نبينا. وفيه تنبيه على أنَّ مَنْ خَالَجَتْهُ شُبْهَةٌ في الدِّينِ ينبغي أن يُسَارِعَ إلى حَلِّهَا بالرجوع إلى أهل العلم.

 - وقال السَّعْدِيُّ: فإنْ قِيْلَ: إنَّ كثيرًا مِنْ أهلِ الكتابِ -مِنَ اليهودِ والنصارى- بل ربما كان أكثرهم ومعظمهم كذَّبوا رسول الله وعاندوه، وردوا عليه دعوته. والله تعالى أمر رسوله أن يستشهد بهم، وجعل شهادتهم حُجة لما جاء به، وبرهانًا على صدقه، فكيف يكون ذلك؟

فالجواب عن هذا من عدة أوجه:

 . منها: أن الشهادة إذا أضيفت إلى طائفة، أو أهل مذهب، أو بلد ونحوهم فإنها إنما تتناول العدول الصادقين منهم، وأما من عداهم فلو كانوا أكثر من غيرهم فلا عبرة فيهم، لأن الشهادة مبنية على العدالة والصدق، وقد حصل ذلك بإيمان كثير من أحبارهم الربانيين، كـ \"عبد الله بن سَلَام\"و \"كَعْب الأَحْبَار\" وغيرهما.

 . ومنها: أن شهادة أهل الكتاب للرسول صلى الله عليه وسلم مبنية على كتابهم التوراة الذي ينتسبون إليه؛ فإذا كان موجودًا في التوراة ما يوافق القرآن ويصدقه ويشهد له بالصحة فلو اتفقوا من أولهم لآخرهم على إنكار ذلك لم يقدح بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

 . ومنها: أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستشهد بأهل الكتاب على صحة ما جاءه، وأظهر ذلك وأعلنه على رؤوس الأشهاد.

 ومن المعلوم أن كثيرًا منهم من أحرص الناس على إبطال دعوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فلو كان عندهم ما يرد ما ذكره الله لأبدوه وأظهروه وبينوه، فلما لم يكن شيء من ذلك كان عدم رد المُعَادِي وإقرار المستجيب من أدل الأدلة على صحة هذا القرآن وصدقه.

 . ومنها: أنه ليس أكثر أهل الكتاب رد دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل أكثرهم استجاب لها، وانقاد طوعًا واختيارًا، فإن الرسول بُعث وأكثر أهل الأرض المتدينين أهل كتاب فلم يمكث دينه مدة غير كثيرة، حتى انقاد للإسلام أكثر أهل الشام، ومصر، والعراق، وما جاورها من البلدان التي هي مقر دين أهل الكتاب، ولم يبق إلا أهل الرياسات الذين آثروا رياساتهم على الحق، ومن تبعهم من العوام الجهلة، ومن تدين بدينهم اسمًا لا معنى، كالإفرنج الذين حقيقة أمرهم أنهم دهرية منحلون عن جميع أديان الرسل، وإنما انتسبوا للدين المسيحي ترويجًا لمُلكهم، وتمويهًا لباطلهم، كما يعرف ذلك مَنْ عَرَفَ أحوالهم البينة الظاهرة.

تعليقات

{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}

{{comment.Description}}

إضافة تعليق

;