logo

مناظرة ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة لكبير الأحبار بمصر

مناظرة ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة لكبير الأحبار بمصر

  • اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
  • 2023/11/16
  • 0 تعليق
  • 111 قراءة

قال العلامة ابن القيم في كتابه الثمين \"هداية الحَيَارَى في أجوبة اليهود والنصارى\" (2/384، 385):

\"وقد جرت لي مناظرةٌ بمصر مع أكبر من يشير إليه اليهود بالعلم والرئاسة.. فقلت له في أثناء الكلام:

 أنتم بتكذيبكم محمدًا صلى الله عليه وسلم قد شتمتم الله أعظم شتيمة.

 فعجب من ذلك، وقال: مثلك يقول هذا الكلام!

 فقلت له: اسمع الآن تقريره:

 - إذا قلتم: إن محمدًا ملك ظالم قهر الناس بسيفه وليس برسول من عند الله وقد أقام ثلاثًا وعشرين سنة يدَّعِي أنه رسول الله أرسله إلى الخلق كافة ويقول: أمرني الله بكذا، ونهاني عن كذا، وأوحى إليَّ كذا، ولم يكن من ذلك شيء، ويقول: إنه أباح لي سَبْي ذراري مَنْ كَذَّبَنِي وخالفني ونساءهم وغنيمة أموالهم وقَتْل رجالهم، ولم يكن مِن ذلك شيء، وهو يدأب في تغيير دين الأنبياء ومعاداة أممهم ونسخ شرائعهم، فلا يخلو إما أن تقولوا: إن الله - سبحانه - كان يطلع على ذلك ويشاهده ويعلمه، أو تقولوا إنه خَفِيَ عنه ولم يعلم به:

 فإن قلتم: لم يعلم به نسبتموه إلى أقبح الجهل، وكان مَنْ عَلِمَ ذلك أعلم منه.

 وإنْ قلتم: بل كان ذلك كله بعِلْمِهِ ومشاهدَتِهِ وإطِّلَاعِهِ عليه فلا يخلو إما أن يكون قادرًا على تغييره والأخذ على يديه ومنعه من ذلك، أو لا، فإن لم يكن قادرًا فقد نسبتموه إلى أقبح العجز المنافي للربوبية، وإن كان قادرًا وهو مع ذلك يعزه، وينصره، ويؤيده، ويعليه، ويعلي كلمته، ويجيب دعاءه، ويمكِّنْهُ من أعدائه، ويظهر على يديه من أنواع المعجزات والكرامات ما يزيد على الألف، ولا يقصده أحدٌ بسوء إلا أظفره به، ولا يدعو بدعوة إلا استجابها له، فهذا مِنْ أعظم الظلم والسَّفَه الذي لا يليق نِسبته إلى آحاد العُقَلَاء فضلًا عن رَبِّ الأرض والسماء، فكيف وهو يشهد له بإقراره على دعوته وبتأييده وبكلامه، وهذه عندكم شهادة زُور وكَذِب.

 فلما سمع ذاك قال: معاذ الله أن يفعل الله هذا بكاذب مفترٍ، بل هو نبيٌّ، صادقٌ، من اتَّبَعَهُ أفلح وسعد.

قلتُ: فما لك لا تدخل في دينه؟!

قال: إنما بُعِثَ إلى الأميين الذين لا كتاب لهم، وأمَّا نحن فعندنا كتابٌ نتَّبِعُهُ.

قلتُ له: غُلِبْتَ كُلَّ الغَلَب .. فإنه قد عَلِمَ الخاصُّ والعامُّ أنه أخبر أنه رسول الله إلى جميع الخلق، وأَنَّ مَنْ لم يتبعه فهو كافر من أهل الجحيم، وقَاتَلَ اليهودَ والنصارى وهم أهل كتاب، وإذا صَحَّت رسالَتُهُ وَجَبَ تصديقُهُ في كُلِّ مَا أَخْبَرَ به.

 فأمسك ولم يُحِرْ جَوَابًا.

تعليقات

{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}

{{comment.Description}}

إضافة تعليق

;