مبارك بن محمد الميلي
- اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
- 2023/11/16
- 0 تعليق
- 171 قراءة
عرَّف الشرك وبيّن خطره ومظاهره؛ فأجاد وأفاد
من أفاضل علماء الجزائر، وأحد أعضاء جمعية العلماء بها. ولد سنة أربع عشرة وثلاثمائة وألف للهجرة، وتوفي رحمه الله سنة أربع وستين وثلاثمائة وألف للهجرة (1364هـ).
موقفه من المشركين:
له كتاب "رسالة الشرك ومظاهره". تناول فيها هذا الموضوع من كل جوانبه؛ فعرف الشرك وبيّن خطره وتاريخه، ثم مثّل لأبرز مظاهره؛ فأجاد رحمه الله وأفاد.
- قال رحمه الله: وهذه أطوار البعثة من حين الأمر بالإنذار المطلق في سورة المدثر، إلى الأمر بإنذار العشيرة، إلى الأمر بالصدع بالدعوة، إلى الأمر بالهجرة، إلى الإذن بالقتال، إلى فتح مكة، إلى الإعلام بدنوّ الحمام؛ لم تخل من إعلان التوحيد وشواهده، ومحاربة الشرك ومظاهره. ويكاد ينحصر غرض البعثة أولاً في ذلك؛ فلا ترك النبي صلى الله عليه وسلم التنديد بالأصنام وهو وحيد، ولا ذهل عنه وهو محصور بالشعب ثلاث سنوات شديدات، ولا نسيه وهو مختفٍ في هجرته والعدو مشتد في طلبه، ولا قطع الحديث عنه وهو ظاهر بمدينته بين أنصاره، ولا غلق باب الخوض فيه بعد فتح مكة، ولا شغل عنه وهو يجاهد وينتصر ويكر ويفر، ولا اكتفى بطلب البيعة على القتال عن تكرير عرض البيعة على التوحيد ونبذ الشرك. وهذه سيرته المدونة وأحاديثه المصححة فتتبعها تجد تصديق ما ادعينا وتفصيل ما أجملنا.(1)
- وقال: وإن لم يكن بعقلك بأس، فستسلم معي شدة عناية بعثة خاتم النبيين ببيان الشرك وعدم الاكتفاء بشرح التوحيد، وستعجب معي من قلة اهتمام علمائنا بذلك، كأن لا حاجة بالمسلمين إليه! تجد في كلامهم على الفروع عناية بتفصيل أحكام مسائل نادرة أو لا توجد عادة، ولا تجدهم يعنون تلك العناية بالأصول؛ فيحددون الشرك ويفصلون أنواعه، ويعددون مظاهره، حتى يرسخ في نفوس العامة الحذر منه، والابتعاد من وسائله، ولا يفقد المتأخر نص من قبله في جزئية من ذلك.(2)
آثار الشرك في المجتمع:
قال –رحمه الله- تحت هذا العنوان: إن كنت باحثاً في علل انحطاط الأمم، فلن تجد كالشرك أدل على ظلمة القلوب وسفه الأحلام وفساد الأخلاق، ولن تـجد كهذه النقائص أضر بالاتحاد، وأدر للفوضى، وأذل للشعوب. وإن كنت باحثاً عن أسباب الرقي، فلن تجد كالتوحيد أطهر للقلوب وأرشد للعقول، وأقوم للأخلاق، ولن تجد كهذه الأسوس أحفظ للحياة وأضمن للسيادة، وأقوى على حمل منار المدنية الطاهرة، وإن نظرة في حياة العرب قبل البعثة، لتؤيد ما أضفناه إلى الشرك من علل ونتائج، وإن وقفة على حياتهم بعد البعثة لتبعث على التصديق بما أنطناه بالتوحيد من أسباب وثمرات، وإن تلك النظرة وهاته الوقفة لمفتاحان لسر حياة المسلمين بعد عصر النبوة.
وكل من قارن بين حياتنا اليوم وحياة جيراننا من غير ملتنا، استيقن أن وسائل الشرك قد وجدت في المسلمين منذ أمد، وأن نتائجه قد ظهرت عليهم، فلا تخفى على أحد.(3)
موقفه من الصوفية:
لقد أولى رحمه الله في كتابه قضية التصوف اهتماماً كبيراً، باعتبار الصوفية أمراً دخيلاً على الإسلام وأهله، ومنبعاً لتصدير الشرك والبدع والـخرافات، مبيناً رحمه الله علاقة التصوف بالتشيع، ومدى الصلة الوثيقة التي تربطهما كأنهما أخوان شقيقان.
وقال رحمه الله: أما ثمرة هذا الاتحاد؛ فهو توصل الرافضة إلى تحقيق ما عجزت عنه من تشويه محاسن الإسلام وقلب تعاليمه. وإن تعجب لسلامة الصوفية من سوء سمعة الرافضة مع اتـحاد الفريقين، فأعجب من ذلك أن تعلو كلمة هؤلاء الصوفية كلمة العلماء، ويخصّوا بالفضل دونهم؛ والكتاب والسنة إنما جاءا بفضل العلم وأهله. وترى من هنا؛ أن هذا التصوف سيف ماضي الحدين مؤثر بالجهتين:
فجهة النقص فيه: وهي اتحاده بالباطنية أثر فيها بالتغطية والتعمية حتـى لم تشعر بها العامة، وتطاول الأمد فخفيت على كثير من الخاصة.
وجهة الكمال في غيره: وهي جهة العلم قلبها رأساً على عقب؛ فاستأثر بـما للعلم من شرف، وجعل أهله محل ريبة لا يوثق بدينهم إلا بتوثيق شيوخ التصوف، وهم لا يوثقون من العلماء إلا من سدل الستار عما في طرقهم من بدع ومنكرات. فأصبح يخطب وُدّهم كل عالم طماع، وكل محتال خداع، وانضافت إليهم هذه الجنود المرتزقة فكان جيشا يهدد كل مرشد نصوح، ومصلح إلى المعالي طموح.(4)
وقال رحمه الله مبيناً مساوئ التصوف في مسائل منها: الخامسة: الاعتماد في دينهم على الخرافات والمنامات، وما يربي هيبتهم في قلوب مريديهم من حكايات، ولا يتصلون بالعلماء إلا بمن أعانهم على استعباد الدهماء، والرد على المرشدين النصحاء، بتأويل ما هو حجة عليهم، وتصحيح الحديث الموضوع إذا كان فيه حجة لهم. قال أبو بكر بن العربي في "العواصم": إن غلاة الصوفية ودعاة الباطنية يتشبهون بالمبتدعة في تعلقهم بمشتبهات الآيات والآثار على محكماتها، فيخترعون أحاديث أو تخترع لهم على قالب أغراضهم ينسبونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويتعلقون بها علينا\"(5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رسالة الشرك ومظاهره (ص.19).
(2) رسالة الشرك ومظاهره (ص.20).
(3) رسالة الشرك ومظاهره (ص.49).
(4) رسالة الشرك ومظاهره (ص.267-268).
(5) رسالة الشرك ومظاهره (ص.280).
تعليقات
{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}
{{comment.Description}}
إضافة تعليق