logo

محنة العقول والقلوب..!

محنة العقول والقلوب..!

  • خالد عبداللطيف
  • 2023/11/16
  • 0 تعليق
  • 51 قراءة

وسط المحن المتنوعة الكثيرة التي يتقلَّب فيها المسلمون.. تبرز محنة (أو تخفى!!).. تكاد أن تكون قاسماً مشتركاً في كل محنة، إنَّها محنة العقول والقلوب، بل هي أفسد أحوال العقول.. وأفتك أمراض القلوب، إنّها محنة الظن! وما أدراك ما الظن؟! رِيبُ.. أمانيّ.. أوهام..أهواء.. في قائمة لا حصر لها.. والظنون فنون!!

فكم من عقول أفسدها ضعفُ اليقين.. والتشبث بالظنون، وكم من قلوب سوَّدها ظنُّ السوء بالمؤمنين، منذ بدء الخليقة وإلى يومنا هذا..

حمل الظن الفاسد أقواماً على جُحْد ألوهية الخالق، وإنكار اليوم الآخر {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} ، {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ}.

وهكذا استحوذ الظن ـ ويستحوذ ـ على قلوب وعقول، فأسس أصحابها على الظنون شُبَهَاً وفتناً (ويحسبون أنّهم مهتدون).

مفكرون لا يفكرون!! بل يردِّدون ما يُلَقَّنون، يسيرون وراء كل ناعق.. ولو كان ينعق بباطل زاهق؛ فمنهم: متزندقون.. ومتعلمنون.. ومتفلسفون.. ومتسفسطون!!

والكُلُّ هائمون.. تائهون.. ظنون حائرة في عقول خائرة!

فلماذا؟ ألأنهم يجهلون الحق المبين؟ أم أنهم يعلمون ويجحدون؟ بل لأنهم يؤسسون على التُّرهات والظنون {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} ، فحالهم في تخبطهم { كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا..} ، ومَثَلُهُم في إصرارهم على الغــــيّ {كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث..} ، بل هم في تعاميهم عن الحق {كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}.

أدعياء متهالكون.. يَضِلُّون ويُضلِّون.. يلبسون ثوبي زور.. ويُلْبسون المنكر ثوب المعروف.. فالعمل (الذي تؤخر بسببه الصلوات عن أوقاتها): عبادة! الاختلاط بالأقارب (غير المحارم): صلة رحم! ومحبة القلب لغير المسلمين (أعداء الله ورسوله والمؤمنين): أخوة إنسانية! والإفتاء (بلا أهلية): ثقافة إسلامية! بل القول على الله (بغير علم) اجتهاد!!

{وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ}، {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا..} ، {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}.

أصحاب يقين..في الأحلام!! لهم أمانيٌّ عِذاب.. كالسراب!!

يقولون (وهم في فُرُشهم يتدثرون.. وعلى سُرُرهم يتكئون): المستقبل للإسلام.. فلنتقدم إلى الأمام!! {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} ، {كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}.

حملة لواء سوء الظن! مستنقع الإثم.. مرتع الحقد.. بوابة الشحناء والبغضاء.. والخطوة الكبرى على درب الكبائر:

ظن آثم.. يتأسس عليه: تَجَسُّسٌ وتَحَسُّسٌ وتَلَصُّصٌ (للتحري عن صحة الظن!؟) فغيبة نكراء.. فبهتان وافتراء {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}.

وهكذا الظنون.. فنون وألوان، وأحوال يشيب لهولها الولدان!!

ظنون فاسدة.. وأخرى فاجرة.. وساوس ترتع.. وأهواء تُتَّبع.. أفكار مُلَقَّنَةٌ مُسَمَّمةٌ خبيثة.. خطوات على درب الكبائر حثيثة.. أمنيات مَوَات.. وتنَكُّبٌ للصراط!!

وما هي إلا رايات للشياطين يرفعها جُنْدٌ من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا:

جنود الزندقة التي تخادع المؤمنين (العلمانية وأشباهها).

وجنود الحالقة التي تحلق الدين (فساد ذات البين).

وجنود المنام.. أبطال غزوات الأحلام!!

وجنود الإجرام.. لصوص الفتوى.. صُنَّاع الأحكام!!

وهكذا: الحياة في ظلام الظنون.. أهواء وإجرام وآثام.

أمَّا الحياة في ظلال القرآن فهي ـ كما قال سيد قطب ـ رحمه الله ـ: \"نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه\".

قال الله تعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ..}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \"إياكم والظن؛ فإنَّ الظن أكذب الحديث\" (متفق عليه).


تعليقات

{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}

{{comment.Description}}

إضافة تعليق

;