logo

العلامة محمد الطيب بن إسحاق الأنصاري المدني

العلامة محمد الطيب بن إسحاق الأنصاري المدني

  • اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
  • 2023/11/16
  • 0 تعليق
  • 47 قراءة

أبرز علماء المدينة في القرن الرابع عشر الهجري

زخر المجتمع العلمي بالمدينة المنورة وأروقة الحرم النبوي الشريف إبَّان القرن الهجري الرابع عشر بنخبة من العلماء الرواد الذين كان لهم جهود علمية بارزة في مجال الدعوة إلى الله على بصيرة واتباع، ومن هؤلاء: الشيخ والعلامة المدني محمد الطيب الأنصاري التنبكتي، مالكي المذهب، سلفي العقيدة، والذي تميز بذكائه وحبه للعلم ورجاحة عقله منذ صغره.

والطيب الأنصاري يعد أحد رواد العلم والمعرفة؛ طاف العديد من البلاد في العالم الإسلامي ليلقي المحاضرات، حتى أصبح مرجعًا للعديد من العلماء حول العالم، فكان يلتقي بالأدباء وطلاب العلم في المجامع العلمية أو مساجد المدينة المنورة.

نسبه:

هو محمد الطيب بن إسحاق بن الزبير بن محمد الأنصاري الخزرجي المدني، يقال له (الطيب التنبكتي)، نسبةً إلى المدينة التي ولد فيها وهي مدينة (تنبكتو) الزاخرة بالعلماء، وتقع على نهر النيجر المسمى نهر (الميز)، وهي بلدة بمنطقة المراقد ببلاد المغرب الأقصى، وتقع في أطراف الصحراء الإفريقية الكبرى. 

وينتهي نسبه – كما جاء في \"نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر\" (للدكتور يُوسُف المرعشلي)- إلى الصحابي الجليل سعد بن عُبادة - رضي الله عنه - سيد الخزرج، حيث انتقل أجداده من المدينة المنورة إلى المغرب في القرن الحادي عشر في بلدة تسمى بـ \"السوق\"، وكانت عامرة بالعلماء وطلبة العلم، ولكنها خربت، ومن ثم انتقلت الأسرة إلى مدينة (تنبكتو).  

مولده ونشأته :

ولد الشيخ محمد التنبكتي في بلدة (تنبكتو) عام 1296هـ / 1879م، وفيها نشأ وتربى، ولما بلغ الثامنة من عمره توفي والده، فكفله خاله الشيخ المبارك بن محمد المختار الأنصاري وجماعة من أقاربه، فحفظ القرآن الكريم، وتلقى العلم في حلقات التدريس على علماء بلده، وارتحل في طلب العلم إلى العديد من الأقاليم؛ فأخذ العلم من علمائها.

الهجره في طلب العلم:

في عام 1323هـ - وبعد احتلال الفرنسيين لبلاده - هاجر الشيخ محمد التنبكتي وبعض أقاربه إلى المدينة المنورة، ومنها انتقل إلى مكة المكرمة متفرغًا للعبادة والزهد، وتلاوة القرآن، ومواصلة طلب العلم والاطلاع على ما تحتويه خزائن (أم القرى) من كتب ومكتبات.

وبعد أن نهل من مشارب العلوم الشرعية والمعارف المختلفة والتقى بعلماء مكة المكرمة، قرر - رحمه الله - العودة إلى المدينة المنورة، ليستقر فيها، وعزم - رحمه الله - على أن يحظى بمشاركة أقرانه في نشر العلم في حلقات المسجد النبوي الشريف، وبدأ يدرّس العلوم العربية، كالنحو والصرف وبعض العلوم الشرعية، كالفقه والتفسير، وأقبل عليه طلبة العلم من كل حدب وصوب، فكان يواصل التدريس بعد الظهر وبعد العصر وبعد المغرب حتى آذان العشاء، ثمَّ يعود إلى المنزل بعد صلاة العشاء للمطالعة والمذاكرة مع بعض طلاب العلم الذين يرافقونه حتى بيته.

رئاسة مدرسي المسجد النبوي:

 في عام 1341هـ عين الشيخ محمد الطيب التنبكتي رئيسًا لمدرسي المسجد النبوي، ثم التحق بمدرسة العلوم الشرعية، وتولى رئاسة مدرسيها بناء على طلب مؤسسها والمسؤول عنها السيد أحمد الفيض آبادي، وظل يشتغل بالتدريس والتأليف حتى وفاته - رحمة الله -.

أبرز تلامذته:

درس على يديه كثير من الطلاب، وصار بعضهم من المدرسين والشيوخ، الذين نشروا العلم والمعرفة في المدينة المنورة وحولها، فكان منهم المدرس في المسجد النبوي، ومنهم الأديب والشاعر، ومنهم رئيس تحرير جريدة المدينة المنورة، ومعظم تلامذته من الكتاب الذين زودوا المكتبة العربية والإسلامية بعدد من المؤلفات منهم:

الشيخ إسماعيل حفظي، والشيخ عمر بري، والسيد علي حافظ، والسيد عثمان حافظ، والسيد عبيد مدني، والسيد أمين مدني، والأستاذ عبد القدوس الأنصاري.

جهوده العلمية :

ترك الشيخ محمد الطيب التنبكتي عدة مؤلفات، من أبرزها:

1- الدرة السنية في النحو: نظم بها \"شذور الذهب\" للعلامة ابن هشام الأَنْصَارِيّ النحوي، ألفها في عام 1335هـ بالمدينة، وفي عام 1354هـ تألفت لجنة من طلابه لطبعها، فطبعوها بالمطبعة الماجدية بمكة المكرمة.

2- البراهين الموضحات في نظم كشف الشبهات في التوحيد: وطبع في مطبعة جريدة المدينة المنورة.

3- اللآلي الثمينة شرح الدرة الثمينة: شرح، وتحليل لطيف للمنظومة المذكورة آنفا.

4- تحبير التحرير في اختصار تفسير ابن جرير في عدة مجلدات بدأه في أثناء تدريسه لتفسير ابن جرير بالمسجد النبوي، واستمر في تأليفه فساير به الدرس حتى أكملها.

5- السراج الوهاج في اختصار صحيح مسلم بن الحجاج .

6ـ التحفة البكرية في نظم الشافية: أي شافية ابن الحاجب نسبة إلى تلميذه الخاص الشيخ أبي بكر بن محمد أحمد السوقي.

وفاته:

توفي - رحمه الله - صبيحة يوم الاثنين السابع من جمادى الآخرة عام 1362هـ /1944م في المدينة المنورة، التي رفض أن يغادرها حتى حين علاجه، ودفن في \"البقيع\" في عصر ذلك اليوم، وصُليَّ عليه صلاة الغائب في المسجد الحرام بمكة المكرمة، وفي الجامع الكبير بالرياض.

قالوا عنه:

·                   جاء في كتاب \"نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر\" للمرعشلي:

 \"... والشيخ الطيب الأنصاري كان شديد الاعتزاز بدينه، صبورًا،عطوفًا، شكورًا،كثير العبادة، لازم الصوم وقيام الليل، وكان محببًا للناس، محبًا لهم، وكان حريصًا على الموت بالمدينة  المنورة والدفن بالبقيع\".

·                   يقول عنه تلميذه الأستاذ الأديب محمد حسين زيدان:

 \"كان الشيخ الطيب ثالث ثلاثة تزينت بهم مدرسة العلوم الشرعية التي أسسها الشيخ أحمد الفيض أبادي ...، وكان الشيخ .. أكثر من غيره تلامذة وتأثيرًا\".

·                   ترجمه له ابن بيلا في كتابه فقال:

 \"هو العالم الكامل، المفسر، المحدث، الشيخ محمد الطيب الأنصاري التنبكتي، وهو ممن أوتي قريحة نقادة في الأدب، والشعر والنثر، وذلك لأنه أحد الأعلام المبرزين في علوم العربية، ذهن دقائقها، وخبر حقائقها، وقد دعته محبته للعلم إلى التأليف فيه، والميزة التي تنجلي في مصنفاته هي الإيضاح والدقة، ذلك مفتاح فنه التأليفي، فهو إن يكن قد درج على سنن من سبقوه في التصنيف إلا أنه كان ذا براعة ليس إلى نكرانها من سبيل\".

تعليقات

{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}

{{comment.Description}}

إضافة تعليق

;