logo

الرد على شبهات حول عصمة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - (11)

الرد على شبهات حول عصمة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - (11)

  • اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
  • 2023/11/16
  • 0 تعليق
  • 110 قراءة

من الشبهات المثارة قديمًا وحديثًا شبهة حديث طواف نبي الله سليمان - عليه السلام - على نسائه المائة حيث تسائل بعض أدعياء العلم عن عدد النساء اللاتى طاف بهن سليمان فى تلك الليلة؟ واتبعه غيره بسؤال عم الكيفية التي يطوف بها شخص واحد على مثل هذا العدد من النسوة وفي ليلة واحدة؟

وهذه الحادثة  ثابتة بالكتاب والسنة:

قال تعالى:

}وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى? كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (*) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ? إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ{ [ص: 34 - 35]
ونص الحديث هو:

عن أبي هريرةَ قال: \"قال سليمانُ بنُ داودَ - عليهما السلامُ -، لأطُوفَنَّ الليلةَ بمائةِ امرأةٍ، تَلِدُ كلُّ امرأةٍ غلامًا يُقاتِلُ في سبيلِ اللهِ، فقال له المَلَكُ: قل إن شاء اللهُ، فلم يَقُلْ ونَسِيَ، فأطاف بهن، ولم تَلِدْ منهن إلا امرأةٌ نِصْفَ إنسانٍ.قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: \"لو قال إن شاء اللهُ لم يَحْنَثْ، وكان أَرْجَى لحاجتِهِ\".

وروى الإمام البخاري - رحمه الله - وغيره روايات أخرى بعدد ستين وسبعين وتسعين وتسع وتسعين امرأة.

ولأن هذه الشبهة أيضًا قديمة جدًا، فقد تصدى للرد عليها الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري، فقال:

\"فحاصل الروايات ستون وسبعون وتسعون وتسع وتسعون ومائة \"، وقد اعترض البعض على الحديث قائلًا: \"وفي هذا أيضًا نظر من وجوه:

أحدها: أن القوة البشرية لتضعف عن الطواف بهن في ليلة واحدة مهما كان الإنسان قويًا، فما ذكره أبو هريرة - رضي الله عنه - من طواف سليمان - عليه السلام - بهن مخالف لنواميس الطبيعة لا يمكن عادة وقوعه أبدًا.

ثانيها: أنه لا يجوز على نبي الله تعالى سليمان - عليه السلام - أن يترك التعليق على المشيئة، ولا سيما بعد تنبيه الملك إياه إلى ذلك، وما يمنعه من قول إن شاء الله؟ وهو من الدعاة إلى الله والإدلاء عليه، وإنما يتركه الغافلون عن الله - عز وجل -، الجاهلون بأن الأمور كلها بيده. فما شاء منها كان وما لم يشأ لم يكن، وحاشا أنبياء الله عن غفلة الجاهلين أنهم - عليهم السلام - لفوق ما يظن المخرّفون.

ثالثها: أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قد اضطرب في عدة نساء سليمان - عليه السلام -، فتارة روى إنهن مائة كما سمعت، وتارة روى إنهن تسعون، وتارة روى إنهن سبعون وتارة روى إنهن ستون).

 وقد أجاب شارحو الحديث من علماء السلف - رضي الله عنهم - على تلك الشبهات .
ففي الرد على الشبهة الأولى:

 قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والجمع بينها أن الستين كن حرائر وما زاد عليهن كن من السرارى أو بالعكس، وأما السبعون فللمبالغة، وأما التسعون والمائة فكن دون المائة وفوق التسعين، فمن قال تسعون ألغى الكسر، ومن قال مائة جبره ومن ثم وقع التردد في رواية جعفر.

وفى الرد على الشبهة الثانية:

 قال الحافظ ابن حجر: فيه ما خص به الأنبياء من القوة على الجماع الدال ذلك على صحة البنية وقوة الفحولة وكمال الرجولة مع ما هم فيه من الاشتغال بالعبادة والعلوم، وقد وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أبلغ المعجزة؛ لأنه مع اشتغاله بعبادة ربه وعلومه ومعالجة الخلق كان مقللًا للأكل والمشارب المقتضية لضعف البدن على كثرة الجماع، ومع ذلك فكان يطوف على نسائه في ليلة بغسل واحد وهن إحدى عشرة امرأة وقد تقدم في كتاب الغسل، ويقال إن كل من كان أتقي لله فشهوته أشد لأن الذي لا يتقي يتفرج بالنظر ونحوه).
وقال الحافظ العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: (خرق الله تعالى لهم العادة في أبدانهم كما خرقها لهم في معجزاتهم وأحوالهم فحصل لسليمان عليه الصلاة والسلام من القدرة أن يطأ في ليلة مائة امرأة ... الخ).

ثم إذا كان هذا ليس معتادًا عند سائر الناس فإنه ليس مستبعدًا على الأنبياء الذين أعطاهم الله من القوة ما لم يعطَ غيرهم. فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في ساعة من ليل أو نهار بغسل واحد، وكن يومئذ إحدى عشرة.

قال - الراوي عن أنس - قلت لأنس: أو كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين. وفي رواية الإسماعيلي: قوة أربعين.

وأما الشبهة الثالثة حول الحديث الشريف:

قال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين: وَإِنَّمَا ترك سُلَيْمَان الاستثناء نِسْيَانًا، فَلم يسامح بِتَرْكِهِ وَهُوَ نَبِي كريم، يقْتَدى بِهِ.

وقال ابن حزم في \"الملل والنحل\": ولا يجوز أن يظن به أنه يجهل أن ذلك لا يكون إلا أن يشاء الله - عز وجل - وقد جاء في نص الحديث المذكور أنه إنما ترك إن شاء الله نسيانًا، فأخذ بالنسيان في ذلك، وقد قصد الخير.

وقال الحافظ في \"فتح الباري\": وَفِيهِ جَوَازُ السَّهْوِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي عُلُوِّ مَنْصِبِهِمْ، وَفِيهِ جَوَازُ الْإِخْبَارِ عَنِ الشَّيْءِ أَنَّهُ سَيَقَعُ وَمُسْتَنَدُ الْمُخْبِرِ الظَّنُّ مَعَ وُجُودِ الْقَرِينَةِ الْقَوِيَّةِ لِذَلِكَ.

ولا يمتنع أن ينسى النبي سليمان - عليه السلام -، فالأنبياء - عليهم السلام - يحتمل أن يحدث النسيان منهم كبشر كما ورد في القراّن الكريم.

 ففي سورة الأعلى يقول الله لنبيه الكريم {سَنُقْرِئُكَ فَلا نَنسَى} [الأعلى: 6]، وقال - عز وجل -:{وَإمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوم الظَّلِمِينَ} [الأنعام: 68].

وقال عز وجل: {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِينِ رَبّيِ لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً} [الكهف: 24].

وقال عز وجل: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بينِهِمَا نَسِيَا حُوتهُمَا فَاتخَذَ سَبِيلَهُ فيِ الْبَحْرِ سَرَبا} [الكهف: 60 - 61]، ومثل هذا في القرآن الكريم كثير.

تعليقات

{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}

{{comment.Description}}

إضافة تعليق

;