logo

العلامة محمد بشير السهسواني الهندي

العلامة محمد بشير السهسواني الهندي

  • اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
  • 2023/11/16
  • 0 تعليق
  • 103 قراءة

عالم الحديث السلفي الهندي

كان عالم الحديث السلفي الهندي الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي - رحمه الله - من أفذاذ عصره في سعة العلم والاطلاع على مذاهب السلف، يصرف أكثر أوقاته في التدريس والتصنيف والوعظ والإرشاد.

كما كان – رحمة الله - على جانب عظيم من الورع والتقوى والعبادة وقيام الليل، وكان يغلب عليه في وعظه رقة القلب والخشية حتى تدمع عيناه.

وكانت عادة الشيخ أن يعقد مجالس للتدريس في جميع العلوم، ومن ذلك ساعتان بعد صلاة الصبح لتفسير القرآن، وكان الناس يحضرون من أماكن بعيدة لاستماع هذا الدرس بشوق عظيم.

وكان يخالط أحبابه بلا تكلف، وكان ديدنه إكرام الضيوف وإمداد الغرباء بلا رياء ولا عجب ولا سمعة، وكان نصب عينيه اتباع آداب الكتاب والسنة، وقد أقر له أهل الهند كافة بقوة الاجتهاد والفضيلة العملية واعترفوا له بها.

اسمه، ومولده، ونشأته

هو محمد بشير الدين بن محمد بدر الدين بن صدر الدين العمري الفاروقي السهسواني الهندي.

ولد ما بين عامي 1249هـ أو 1254هـ وقيل في منتصف القرن الثالث عشر الهجري، في قرية \"سهسوان\" التابعة لمدينة \"نيودلهي\"، وكانت تسمى حينها \"دلهي\".

نشأته:

والده هو محمد بدر الدين، كان طبيبًا حاذقًا، ولسعة نظره وتبحره في العلم أطلق عليه لقب \"خان\" ، ولما ذاع صيته واشتهر أمره اتخذه بعض الأمراء طبيبًا لديه.

وعندما أتم العاشرة توفي والده وذلك سنة 1260هـ فعاش يتيم الأب، وكان له أخوان أكبر منه وثالث أصغر.

طلبه للعلم:

قضى زمن طفولته في مدينة \"لكنو\"، وبدأ فيها تعلمه بالقراءة على الشيخ \"محمد واجد علي\"، ثم ذهب إلى \"دهلي\" لاستكمال علوم التفسير والحديث والفقه والأصول، فقرأ على \"السيد أمير حسن\" بعض الكتب، وأخذ عن \"سيد حسين\" كتب الصحيح والسنن الستة وغيرها سماعًا وقراءة، واستجاز من الشيخ \"حسين بن محسن الأنصاري اليمني\" والشيخ \"أحمد بن إبراهيم بن عيسى النجدي\" نزيل مكة، والشيخ \"محمد السهارنبوري \"المهاجر بمكة.

وصحب المحدث أمير حسن، حتى غلب عليه تجريد الاتباع لنصوص الكتاب والسنة، - وكان ميالًا إلى العلوم العقلية  والفلسفة - ومن ذلك الحين بدأ في تحقيق المسائل كلها إلى الكتاب والسنة، وشرع في العمل بالحديث، وحدث له انهماك كثير من الفقه والأصول والأدب، وصار يفتي بوجوب ترك الآراء والتقليد الشخصي، وكل مسألة وقع فيها اختلاف بين الأئمة الأربعة كان يرجح فيها مسلك المحدثين بأقوال السلف وآثار الصحابة، وكان يستدل لكل مطلب بالحجج القوية، ويستنبط شواهده من الكتاب والسنة.

رياسة المدارس الدينية:

وفي 5 من المحرم سنة 1295هـ استدعاه الأمير \"صديق حسن خان بهادر\" من \"آكره\" إلى \"بهوبال\" وفوض إليه رياسة المدارس الدينية في الإمارة، فكان يتبرع لتدريس التفسير والحديث، وكان يجيب عن المسائل ويكتب الفتاوى بطريق الاجتهاد، وفي كل جمعة يجلس لدرس الوعظ في جامع القاضي، ويقيم حجته على المخالفين تقريرًا وتحريرًا مع التواضع وحسن الخلق.

جهوده في الدفاع عن عقيدة أهل السنة والجماعة:

كان - رحمه الله - على عقيدة أهل السنة والجماعة، معظِّمًا لها، مدافعًا عنها بقلمه ولسانه، على علمٍ وبصيرةٍ ومعرفةٍ واسعة بأدلة الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح، مع محاربته للبدع وإنكاره على أهلها، والشواهد على ذلك كثيرة، منها:

تصريحه بانتسابه إلى أهل الحديث، وتقديمه لطريقتهم على غيرها، حيث قال في كتابه الصيانة: \"فنحن معاشر أهل الحديث نعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل تعظيم جاء في الكتاب أو السنة الثابتة\".

ومنها: وضوح كلامه في مسائل صرف العبادة لغير الله، وأنها من الشرك المخرج من الملة، يقول - رحمه الله -: \"من نادى الأموات والجمادات نداءً حقيقيًا وطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله فقد انسلخ من الإسلام\".

ومنها: إنكاره على أهل البدع نبذهم أهل السنة والجماعة بأنهم حشوية ومجسمة إلى غير ذلك من الألفاظ التي يشنعون بها على أهل السنة والجماعة، قال: \"فالقدرية والرافضة والجهمية والمعتزلة وغلاة عباد القبور يرون أن مشايخهم أمجاد نقاد يؤخذ عنهم ويحفظ عنهم، ويسمون أهل السنة والجماعة وأهل الحديث حشوية مجسمة وناصبة ومجبرة، وعباد القبور يسمون الموحدين متنقصة للأنبياء والصالحين\"، ومسألة التشنيع بالألفاظ على أهل الحق هي من العلامات الفارقة عند السلف بين صاحب السنة والمبتدع، قال أبو حاتم الرازي: \"علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر، وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الآثار\".

ومنها: موقفه من دعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله -، ودفاعه عنها مع بعد دياره وغربة أوطانه، ولكنه لما رأها موافقة لما جاء في القرآن والسنة، وما قرره السلف الصالح علم أن الدفاع عنها دفاع عن عقيدة السلف الصالح، فألف كتابه \"صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان\"، نصرة للحق وأهله، وإزهاقًا للباطل وحزبه، حتى غدا كتابه بمثابة الرد على جميع طوائف البدع، وقال الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - عن هذا الكتاب: \"هو كتاب نفيس في بابه، ومؤلفه رجل هندي لا يعرف نجد ولا أهل نجد، إنما عرف الحق وأهله، ودحض الباطل ورد على أهله\".

ومن مؤلفاته أيضًا في الدفاع عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رسالته التي بعنوان: \"النعل المعكوس على ظهر المنكوس\"، وهي رد على رسالة \"الكواكب الشهابية في كفريات الوهابية\" من تصنيف أحد المبتدعة الهنود.

جهوده في الرد على القاديانية:

 وفي سنة 1312هـ لما ادعى مرزا غلام أحمد القادياني أنه المهدي المنتظر، واشتهر أمره حتى صرح بطلب المناظرة، وكان لا يناظر إلا بالقرآن معرضًا عن الأحاديث وأقوال الصحابة، فتوجه إليه الشيخ السهسواني لمناظرته، ولما لم يرض مرزا بالمناظرة الشفوية تناظرا كتابة وهما في دهلي وكل منهما في محله.

وكان مرزا يصرّح بموت المسيح مستدلًا بقوله تعالى: }إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ { [آل عمران: 55]. فعارضه الشيخ مثبتًا حياة المسيح بقوله تعالى: }وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ{ [النساء: 159].

ثم أخذ مرزا على عادته يجادل بالتأويلات، وينتقد القواعد النحوية والصرفية ليستدل على أن الآية لا تثبت حياة المسيح، فرد عليه الشيخ بأجوبة لم يستطع ردها، فانقطع عن المناظرة معتذرًا بأن أحد أقاربه بقاديان مريض، وأنه سيسافر لعيادته.

 وجميع المكاتبات التي دارت في هذه المناظرة حتى انقطع المرزا مدونة في كتاب (الحق الصريح، في إثبات حياة المسيح).

قالوا عنه:

·       المحدث حسين بن محسن اليماني: \"رحم الله أخانا العلامة محمد بشير، فقد كان عالمًا محققًا متمسكًا بالكتاب والسنة\".

·   الشيخ عبدالحي الحسني: \"الشيخ الفاضل العلامة المحدث محمد بشير العمري السهسواني أحد العلماء المشهورين ببلاد الهند... وكان من كبار العلماء، ورعًا صالحًا تقيًا نقيًا، مفرط الذكاء، جيد القريحة، له مهارة تامة في أصول الفقه\".

·       المحدث أحمد الله الدهلوي: \"كان عالمًا، فاضلًا، جامعًا للعلوم العقلية والنقلية، ماهرًا فيها أتم ما يكون من المهارة\".

مؤلفاته:

·                     \"صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان\".

·                     \"القول المحقق المحكم في حكم زيارة قبر الحبيب الأكرم\".

·                     \"القول المنصور في الرد على الكلام المبرور\".

·                     \"إتمام الحجة على من أوجب الزيارة كالحجة\".

·                     \"البرهان العُجاب في فرضية أم الكتاب\".

·                     \"الحق الصريح في إثبات حياة المسيح.\"

·                     \"القول المحمود في رد جواز السود\" (أي الربا).

·                     \"السيف المسلول\".

·                     \"معيار الصرف\".

·                     \"مصباح المنطق\".

·                     \"رحمة الباري في سوانح البخاري\".

·                     \"الكلام المشكور في مكائد أهل الزور\".

·                     \"النعل المعكوس على ظهر المنكوس\".

·                     \"الأدلة الكاملة\".

·                     \"رسالة في جواز الأضحية إلى آخر ذي الحجة\".

·                     \"رسالة في إثبات البيعة المروجة\".

وفاته:

توفي رحمه الله في دهلي يوم 29 جمادى الأولى عام 1326هـ، وكان عمره حينئذ أربعًا وسبعين سنة.

تعليقات

{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}

{{comment.Description}}

إضافة تعليق

;