الرد على شبهات حول عصمة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - (7)
- اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
- 2023/11/16
- 0 تعليق
- 103 قراءة
يدعي بعض المتوهمين أن آدم - عليه السلام - وقع في الخطيئة بأكله من الشجرة، ويستدلون على ذلك بآيات من كتاب الله تعالى. ويتساءلون: كيف يتوافق هذا مع عصمة الأنبياء؟
وفيما يلي عرض للشبهة والرد عليها:
أصل الشبهة:
قال تعالى:} وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ{ [البقرة: 35].
فكيف يكون آدم نبيًا معصومًا وقد خالف أمر ربه؟ وقال الله فيه: } فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ? وَعَصَى? آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى? { [طه: 121].
الرد على هذه الشبهة:
على وجه الإجمال، ليس هناك جواب أحسن من جواب الله سبحانه؛ إذ يقول: }وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى? آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا{ [طه: 115].
ولعل آدم - عليه السلام - ظن صدق إبليس في قسمه فما جرب من قبل كذبًا ولا خداعًا، أو ظن أن النهي هو عن خصوص هذه الشجرة، لا عن جنسها ونوعها، ومع ذلك فإن هذا الامتحان كان قبل أن يهبط إلى الأرض، وقبل أن يصير رسولًا مسئولًا عن رسالته.
أما على التفصيل، فيبدو من هذه الآية الكريمة أن آدم - عليه السلام - أكل من شجرة منهي عن الأكل منها، وهذا يبدو في ظاهره خطيئة مما فيها من نهي في }لَا تَقْرَبَا{ وعاقبة وهي }فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ{.
ولكنا نقول أن النهي نوعان: نوع منعي تحريمي ونوع أخر إرشادي. والنهي التحريمي يصحبه عقوبة، والنهي الإرشادي يصحبه عاقبة، وخطأ آدم - عليه السلام - يعد خطيئة إذا كان النهي منعي، ولا تعد كذلك إن كان النهي إرشادي.
والنهي في قصة آدم - عليه السلام - إرشادي؛ لأنه لو كان تحريمي لرفع الله أثره عن آدم - عليه السلام - بعدما تاب عليه، قال تعالى: }فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{ [البقرة: 37]. فأكل آدم - عليه السلام - من الشجرة لا تجعله خاطئ؛ لأن نهي الله كان إرشاديًا ولا يعد نقضًا للعصمة لغياب التشريع عنه.
وتأويلات العلماء في الرد على الشبهة هي:
الأول: أن يكون ذلك منه على سبيل النسيان، وإنما سمي ما أتاه ناسيًا معصية وغواية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس كأحد من الناس، فإذا نسي عد ذلك معصية في حقه، وإن كان - ما صدر منه - غير معصية إن صدر من غيره.
الثاني: أنه تأول فيما فعل؛ إذ فهم أن الأمر والنهي ليسا جازمين بحيث يترتب على المخالفة الغضب والمجازاة، بل فهمه على أنه إرشاد فقط، ونهي إرشاد، وما كان من هذا القبيل لم تحرم مخالفته، كما حمل الفقهاء الأمر بكتابة الدين على أنه أمر إرشاد ولا إثم بتركه.
الثالث: أن ما حصل من الذنوب الصغيرة، وهذا لا يتأتى إلا على رأي من يقول: إن الأنبياء - عليهم السلام - غير معصومين من الصغائر.
الرابع: أن ذلك كان قبل النبوة المستلزمة للعصمة من المعصية... ودليل ذلك قوله - عز وجل -:}ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى?{ [طه: 122]، والاجتباء:هو اصطفاء الله له بالرسالة، فتكون المعصية قد وقعت من آدم - عليه السلام - قبل النبوة.
الخامس: أن آدم - عليه السلام - تأول في أكله من الشجرة؛ لأن الله أراه الشجرة التي نهاه عن الأكل منها، فتأول أنه نهاه عن عينها، ولم ينهه عن جنسها، فأكل من شجرة أخرى من جنسها.
السادس: أن الذي حدث من آدم - عليه السلام - مرة واحدة؛ فلا يجوز نعته بأنه عاص أوغاو؛ فإنهما تطلقان على من تكررت منه المعصية والغواية. ولا يطلق عليه عاص أو غاو إذا كانت المعصية قبل النبوة؛ لتشريف الله له بالنبوة والرسالة، كما لا يطلق على من أسلم بعد كفره كافر، ولا يطلق عليه ذلك إن كانت بعد النبوة؛ لأن الله قبل توبته.
تعليقات
{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}
{{comment.Description}}
إضافة تعليق