شبهات حول التوحيد (1)
- الشيخ الدكتور: محمد بن عمر بازمول
- 2023/11/16
- 0 تعليق
- 105 قراءة
الشبهة الأولى: تقسيم التوحيد بدعة
قالوا -عن أهل السنة والجماعة-: تقسيمكم للتوحيد بدعة! ايتونا بكلام أحد من السلف قسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات.
والجواب عن هذه الشبهة:
هذا التقسيم – الذي قسمه العلماء - قديم من أيام ابن مندة، ومن أيام أبي نعيم ومن بعدهما، بل من أيام ابن خزيمة، قسموا مثل هذا التقسيم، وذكروا مثل هذا التقسيم، وهو تقسيم للتفهيم والتعليم، لا للمغايرة، لا لبيان أن هذا التوحيد: توحيد الربوبية بمفرده هو المراد شرعا، لا، أو توحيد الأسماء والصفات بمفرده هو المراد شرعا، لا! إنما تقسيم من أجل أن يتعلم الناس ما يتكون منه التوحيد الشرعي، كما يقول الناس – مثلا -: الإنسان جسد، وروح، الروح فقط ليست إنسانا، والجسد فقط ليس إنسانا، إنما الجسد والروح هي إنسان، فلم يلزم من هذه القسمة قيام حقيقة الإنسان بأحد القسمين دون الآخر. وكما يقول أيضا بعض الناس: الماء مركب من هيدروجين وأكسجين، لكن لا توجد حقيقة الماء إلا بمجموع هذا الأمر: الهيدروجين والأكسجين.
فهذه القسمة لا يقصد بها المغايرة، إنما يقصد بها بيان ما يتركب منه التوحيد المراد شرعا، فإذا كان هذا الذي يعتقد أن هذه القسمة بدعة، فنقول له: أنت أيها الأخ ما هو التوحيد عندك؟ فإذا قال: التوحيد عندي هو: الربوبية، والألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، قلنا: لا اختلاف بيننا وبينك، أنت جعلت التوحيد شيئا واحدا، فلا يضر ما دمت قد أتيت بجميع هذه المعاني الثلاثة.
ومن العلماء من لم يجعل التوحيد دائما ثلاثة أقسام، فمنهم من جعله قسمين:
التوحيد الطلبي، والتوحيد العلمي. فالتوحيد العلمي يشمل معنى توحيد الربوبية، والأسماء والصفات، والتوحيد الطلبي: معنى توحيد الألوهية. وتجد بعضهم يجعل التوحيد قسما واحدا.
وعليه نقول: هذه القسمة لأنواع التوحيد - إلى أقسام ثلاثة، أو إلى قسمين، أو إلى قسم واحد لا حرج فيها، فإن كنت لا تريد أن تقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام فلا إشكال ما دمت أثبت المعاني المقصودة، وأن التوحيد عندك لابد أن يشتمل على هذه الأمور الثلاثة: توحيد ربوبية، وألوهية، وأسماء وصفات.
إذن هذا القسمة اصطلاحية محضة، استخرجها العلماء من الاستقراء لآيات القرآن والسنة، لكن المشكلة فيمن يقول: قسمة التوحيد إلى ثلاثة أقسام بدعة، ويرى أن التوحيد نوعا واحدا وهو توحيد الربوبية –مثلا-، أو يرى أن التوحيد نوع واحد، وهو توحيد الأسماء والصفات –مثلا- فهنا تأتي المشكلة! إذ هذا الذي يقول هذا الكلام نقول له: أنت أخطأت في هذا الذي ذكرته! فالتوحيد يتركب من هذه المعاني الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، وأنت حينما تقتصر على نوع واحد فقد خالفت ما ذكره لك الله - سبحانه وتعالى – من أن التوحيد هو مجموع هذه الأمور الثلاثة، والدليل أن كفار قريش كانوا يقرون بتوحيد الربوبية، [ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولون الله} فهم يقرون بأن الله هو الخالق الرازق، يقرون بهذا، لكن المعركة حصلت في توحيد الألوهية.
وهنا حصلت المعركة بين الأنبياء وأقوامهم، فإذا أنت أثبت أن التوحيد فقط هو الربوبية؛ خالفت ما جاء به القرآن، بل أهل التواريخ ينقلون عن العرب أنهم كانوا في جاهليتهم يحجون ويلبون، ومن تلبيتهم يقولون \"لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما لك. والله سبحانه وتعالى ذكر عنهم أنهم قالوا {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:3]، فهم مقرون بأن الله سبحانه وتعالى موجود، وأنه مستحق للعبادة، ولكن يصرفون شيئا من العبادة لهذه الأصنام، ولهذه الآلهة التي يتخذونها من دون الله.
فإذا أنت لم تقر أن التوحيد هو مجموع هذه المعاني الثلاثة فمعنى التوحيد عندك باطل، وليس هو المراد الشرعي، وارجع إلى النصوص الشرعية وإلى كلام العلماء، وصحح عقيدتك في هذا الباب.
تعليقات
{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}
{{comment.Description}}
إضافة تعليق