logo

شبهة الاكتفاء بالقرآن وعدم الحاجة إلى السنة النبوية

شبهة الاكتفاء بالقرآن وعدم الحاجة إلى السنة النبوية

  • اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
  • 2023/11/16
  • 0 تعليق
  • 110 قراءة

أصل الشبهة: إن السنة النبوية ليست بحجة تشريعية، وإن القرآن الكريم بمفرده وبمعزل عن السنة النبوية هو المصدر الوحيد الذي يمكن أن نستقي منه الأحكام الشرعية دون غيره.

استدلالات المنكرين لحجية السنة النبوية:

1/ استدل من ذهب هذا المذهب بآيات من القرآن الكريم منها:قوله تعالى:)(مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ)) [الأنعام: 38]، وقوله تعالى:((وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ))[النحل:89]، وقوله تعالى:((أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الكِتَابَ مُفَصَّلاً )) [الأنعام:114].

ووجه استدلالهم: أن القرآن في غنى عن السنة؛ لأن فيه بيان كل شيء وتفصيله.

2/ استدلوا كذلك بقوله تعالى: ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) [الحجر:9].

ووجه استدلالهم: أن السنة لو كانت حجة ووحيًا مثل القرآن لتكفل الله عز وجل بحفظها، كما تكفل بحفظ القرآن الكريم.

3/ استدلوا كذلك بكثرة الوضاعين للحديث، وهو ما أضعف الثقة بالسنة النبوية، وذهبوا إلى عرض السنة على القرآن فما وافقه أخذنا به، وما عارضه أسقطناه، وعمدتهم في ذلك ما نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ((إن الحديث سيفشو عني، فما أتاكم يوافق القرآن فهو عني، وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني)).

والجواب على هذه الشبهات من وجوه هي:

1/بعض هذه الآيات المراد بها الكتاب اللوح المحفوظ الذي حوى كل شيء، واشتمل على جميع أحوال المخلوقات، على التفصيل التام، ومن هذه الآيات قوله تعالى: ((مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ)) [الأنعام: 38] والتي وردت عقب قوله تعالى:((وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)) [الأنعام: 38]، والمثلية في الآية تؤكد أن المراد بالكتاب هنا اللوح المحفوظ لأن الذي حوى كل شيء للطير والبشر، هو اللوح المحفوظ.

2/ إذا سلمنا أن المراد بالكتاب في جميع هذه الآيات، القرآن الكريم، فإننا نقول: إن هذا العموم مخصص بقول الله تعالى: ((وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) [النحل: 64]، فالقرآن لم يفرط في شيء من أمور الدين على سبيل الإجمال، ومن بين ما لم يفرط في بيانه وتفصيله إجمالاً بيان حجية السنة، ووجوب اتباعها.

3/ في القرآن الكريم آيات واضحات على الحجية ومنها قول الله تعالى:((لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ))[النحل: 39]، وقال تعالى:((بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) [النحل:44] وقال تعالى:((وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ))[النحل: 64]وقال عز وجل: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ))[إبراهيم:4]،وهي آيات صريحات في حجة السنة النبوية المطهرة.

4/ أما قولهم أن الله عز وجل تكفل بحفظ القرآن ولم يتكفل بحفظ السنة النبوية فمردود بأن الله تبارك وتعالى تكفل بحفظ ما صح من حديث رسوله صلى الله عليه وسلم، ويدل على ذلك قوله تعالى: ((وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)) [النحل:44]، وقال تعالى: ((إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)) [القيامة:17-19]، ففي الآيتين دليل على أن الله عز وجل قد تكفل أيضًا بحفظ السنة؛ لأن حفظ المُبيَّن يستلزم حفظ البيان للترابط بينهما. قال ابن قيم الجوزية: \"إن كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما أنزل الله، وهو ذكر من الله أنزله على رسوله، وقد تكفل الله سبحانه بحفظه\"[1].

5/ ويرد على زعمهم أن الله حفظ القرآن ولم يحفظ السنة أن القرآن أتى مجملًا لكثير في العبادات من صلاة، وصيام، وزكاة، وحج، وتولت السنة المطهرة بيان ذلك، فإذا كان بيانه صلى الله عليه وسلم لذلك المجمل غير محفوظ، فقد بطل الانتفاع بنص القرآن، فبطلت أكثر شرائعه المفترضة علينا فيه وهو محال، فعلم من ذلك أن حفظ السنة المطهرة من أسباب حفظ القرآن، وصيانتها صيانة له، ولقد حفظها الله تعالى كما حفظ القرآن الكريم.

6/ أما قولهم بعرض السنة على القرآن فما وافقه أخذناه، وما عارضه طرحناه، فنقول: إن عمدتهم من الموضوعات، فما ساقوه مستدلين به من حديث منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو من الموضوعات والمكذوبات على النبي صلى الله عليه وسلم، فالاستدلال به ساقط ولا يعتد به.

7/ ويرد كذلك على قولهم بعرض السنة على القرآن، بأن هذا لا علاقة له بإسقاط حجية السنة جملة وتفصيلا، وغاية الأمر عند وجود تعارض متوهم بين القرآن والسنة النبوية الصحيحة، وهنا للعلماء منهج علمي واضح المعالم ومحدد الخطوات في الجمع بين النصوص التي ظاهرها التعارض، وليس من بينها طرح حجية السنة. 

8/ ويرد على شبهة كثرة الوضاعين، بأن في مقابلتهم كان الثقات من العلماء يميزون بين السقيم والصحيح بمنهج علمي قاد إلى حفظ السنة النبوية وبيان أسماء الوضاعين وصفاتهم وما وضعوه وسبب وضعهم وكذبهم على النبي صلى الله عليه وسلم، وصنف العلماء الثقات في ذلك التصانيف، فبات لدى المسلمين منهجًا متميزًا وفريدًا أحاط السنة النبوية الصحيحة بسياج قوي لا يقدر على اختراقه صناع الإفك والكذب.

 قال الإمام أبو المظفر السمعاني: \"فإن قالوا: قد كثرت الآثار في أيدي الناس واختلطت عليهم، قلنا: ما اختلطت إلا على الجاهلين بها، فأما العلماء بها فإنهم ينتقدونها انتقاد الجهابذة الدراهمَ، والدنانيرَ، فيميزون زيوفها ويأخذون خيارها\"[2].

ولمزيد من البيان حول شبهات منكري السنة النبوية والرد عليها يمكن الإطلاع على الكتب والدراسات التالية:

·       الشبهات التي أثيرت على السنة النبوية في العصر الحديث ومناقشتها والجواب عنها وردها، رسالة دكتوراه،كلية دار العلوم، جامعة القاهرة، محمد عبد المنعم توفيق حسن.

·       الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض، عبد العظيم إبراهيم محمد المطعني.

·       الرد على شبهات المستغربين والمستشرقين حول السنة النبوية المطهرة، محمد حافظ الشريدة.

·       شبهات حول حجية السنة النبوية ومکانتها التشريعية والرد عليها، عماد الشربيني.



[1] مختصر الصواعق المرسلة: (ص582)

[2] مختصر الصواعق المرسلة، (589)

تعليقات

{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}

{{comment.Description}}

إضافة تعليق

;