logo

شبهة مَنْ أتى بالتوحيد فإنه لا يكفر ولو فعل ما يناقضه

شبهة مَنْ أتى بالتوحيد فإنه لا يكفر ولو فعل ما يناقضه

  • اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
  • 2023/11/16
  • 0 تعليق
  • 115 قراءة

من الشبهات التي يروِّجها المرجفون حول عقيدة التوحيد قولهم أن مَنْ أتى بالتوحيد فإنه لا يكفر ولو فعل ما يناقضه، واستدلوا على ذلك بالأتي:

1/ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْكَرَ عَلَى أَسَامَةَ قَتْلَ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَقَالَ لَهُ: \"أقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ\".

2/ قول الرسول صلى الله عليه وسلم: \"أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلا اللَّهُ\".

 وَأَحَادِيثُ أُخْرَى فِي الْكَفِّ عَمَّنْ قَالَهَا.

ووجه حجتهم في هذه الأحاديث: أَن من قالها لا يكفر، ولا يُقتل؛ ولو فعل ما فعل.

الرد على هذه الشبهة:

لا ريب أن هذه طريقة أهل الزيغ في الاستدلال على الشبهات التي يُلقونها، فهم يأخذون من النصوص ما يظنون أنه حُجَّة لهم من النصوص المجملة، ويتركون ما تبينه وتوضحه النصوص المفصلة، كحال الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، وقد قال الله فيهم:

} هُوَ الَّذِي أَنْـزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ.{[آل عمران:7]

وتفنيد شبهتهم على النحو التالي:

1/ لازم قولهم أنه لا فرق بين الشرك والكبائر والمعاصي، وهذا لا يستقيم مع قول الله تعالى: \"إِنَّ اللهَ لا يَغْفَرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ\"[النساء:116]، وقوله تعالى:\"وَمَن يُشْرِك بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّة\" [المائدة:72].

فمن أخلص العبادات كلها لله ولم يشرك فيها غيره، فهو الذي شهد أن لا إله إلا الله، ومن جعل فيها مع الله غيره فهو المشرك الجاحد لقول لا إله إلا الله، وهذا الشرك الذي لا يَغفره الله، وهذه المسألة لا خلاف فيها بين أهل العلم.

\"فالذنوب التي دون الشرك قد جعل الله لمغفرتها أسبابًا كثيرة، كالحسنات الماحية، والمصائب المكفرة في الدنيا، والبرزخ، ويوم القيامة، وكدعاء المؤمنين بعضهم لبعض، وبشفاعة الشافعين. ومن فوق ذلك كله رحمته التي أحق بها أهل الإيمان والتوحيد.

وهذا بخلاف الشرك فإن المشرك قد سد على نفسه أبواب المغفرة، وأغلق دونه أبواب الرحمة، فلا تنفعه الطاعات من دون التوحيد\"[تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، 181].

2/ أما حديث أسامة فإنه قتل رجلًا ادعى الإسلام بسبب أنه ظن أنه ما ادعاه إلا خوفًا على دمه وماله، والرجل إذا أظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك، وأنزل الله في ذلك: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا{ [النساء:94]. أي (فتثبتوا)، فالآية تدل على أنه يجب الكف عنه والتثبت، فإن تبين بعد ذلك ما يخالف الإسلام قتل؛ لقوله: }فتبينوا{ ولو كان لا يُقتل إذا قالها لم يكن للتثبت معنى، فمن أظهر الإسلام والتوحيد وجب الكف عنه إلا إن تبين منه ما يناقض ذلك.

وعلى هذا فالذم هنا للتسرع وعدم التثبت، وإلا لو كان مسلمًا حقًا لوجب على أسامة القصاص أو الدية.

3/ المراد من هذه الأحاديث أن التلفظ بلا إله إلا الله سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ومقتضى لذلك، لكن المقتضى لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه أو لوجود مانع.

 قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في \"الرسالة العشرون\": \"أنَّ لا إله إلا الله نفي وإثبات، إتيان وترك، ولا تنفع قائلها إلا بهذه الأمور التي هي حقيقة الإسلام ودين الرسل\".

4/ كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) ليست كلمة تقال باللسان فقط، بل لها حقوق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: \"أُمِرْتُ أن أقاتلَ الناس حتى يقولوا: لا إله إلا اللهُ. فإذا قالوا:لا إله إلا اللهُ عَصَمُوا مِنِّى دماءَهم وأموالَهم إلا بحَقِّها. وحسابُهُم على اللهِ. ثم قرأ: }إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ.لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ {[الغاشية:21، 22]\" [مسلم:21].

فدل ذلك على أن لها حقوقًا ولوازم وأركانًا وشروطًا، فهي ليست كلمة مجردة تُقال باللسان فحسب.

قال الحافظ ابن رجب: \"فلما قرر أبو بكر هذا للصحابة رجعوا إلى قوله ورأوه صوابًا، فإذا علم أن عقوبة الدنيا لا ترتفع عمن أدى الشهادتين مطلقًا، بل يعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإسلام، فكذلك عقوبة الآخرة\" [كلمة الإخلاص:13ـ14].

فإذا كان منع الزكاة مَن حق لا إله إلا الله فكيف بعبادة القبور والذبح للجن ودعاء الأولياء!

5/ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ترك عبادة الأوثان، كما في حديث عمرو بن عَبَسَة: \"... فقلتُ له:ما أنت؟ قال \"أنا نبيٌّ\" فقلتُ:وما نبيٌّ؟ قال\"أرسلَني اللهُ\".

 فقلتُ:وبأيِّ شيءٍ أرسلَك؟

 قال\"أرسلني بصلةِ الأرحامِ، وكسرِ الأوثانِ، وأن يُوحَّدَ اللهُ لا يشركُ به شيئًا\" [مسلم:832]

 فإذا كان لم يقنع منهم إلا بترك عبادة الأوثان تبين أن النطق بها لا ينفع إلا بالعمل بمقتضاها وهو ترك الشرك.

6/ إذا كان من قال (لا إله إلا الله) لا يكفر فما معنى باب حكم المرتد الذي ذكره الفقهاء؟ وهل الذين ذكرهم الفقهاء وجعلوهم مرتدين لا يقولونها؟ ولو كان الأمر على زعمهم لبطل كلام العلماء في حكم المرتد إلا مسألة واحدة التي يصرح بتكذيب الرسول وينتقل يهوديًا أو نصرانيًا أو مجوسيًا ونحوهم، ولم يقل به أحد.

7/ مسيلمة الكذاب كان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويصلي ويصوم، وهو كافر مرتد عن الإسلام، بلا ريب، وكذلك غُلاة الرافضة الذين حرقهم عليٌّ يقولونها، وهم كفار أيضًا، لا خلاف في ذلك.

وفي هذا القدر كفاية في رد هذه الشبهة التي تعلَّق بها من ظن أن من قال: لا إله إلا الله لا يكفر ولو فعل ما فعل من أنواع الشرك الأكبر التي تمارس اليوم عند الأضرحة وقبور الصالحين مما يناقض كلمة لا إله إلا الله تمام المناقضة.

تعليقات

{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}

{{comment.Description}}

إضافة تعليق

;