logo

الرد على شبهات حول عصمة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - (4)

الرد على شبهات حول عصمة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - (4)

  • اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
  • 2023/11/16
  • 0 تعليق
  • 45 قراءة

سيدنا يونس ـ عليه السلام ـ هو يونس بن مَتَّى، من الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم باسمه وبوصفه بذي النُّون وبصاحب الحوت، والنُّون هو الحوت، وكان رسولًا إلى أهل \"نِينَوَى\" بالعراق، وكرَّمه سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوْله، كما في الصحيح: ”ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونُسَ بنِ مَتَّى\".(البخاري: 4630).

ويُستفاد من الآيات التي تحدَّثت عنه أنه دعا قومه وخوَّفهم من عقاب الله إن لم يؤمنوا، ثم تركهم غاضبًا من موقفهم منه، وتوجَّه إلى مكان آخر، فرَكِبَ سفينة كانت مشحونة كادت تغرق بحِملها، وعند الاقتراع على من يتخلَّصون منه فداء للباقين وقع السهم على يونس، وانتهى الأمر إلى إلقائه في البحر، فالتقمه حوت ومكث في بطنه مدة لا يُعرف قدْرُها بالضبط، وسبَّح ربه داعيًا، فنجَّاه الله وطرحه الحوتُ على الشاطئ مُتعَبًا، فأنبَتَ له شجرة من يقطين، وهو القرع، أو كل زرع ليس له ساق، وبعد ذلك أرسله إلى قوم عددهم مائة ألف أو يزيدون.

الشبهة:

يقول أصحاب الشبهات إن الذي يَلفت النظر في قصة يونس - عليه السلام -، مما يَمس عصمة الأنبياء، الأتي:

·       قوله تعالى }وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَن نَقْدِرَ عَلِيْه{ [الأنبياء: 87] فمَن الذي غاضبه يونس؟ وكيف يظن أن الله لن يقدر عليه؟ وكيف يتناسب ذلك مع مقام الأنبياء؟

·       قوله تعالى فيه: }فَالْتَقَمَهُ الحُوتُ وَهَوَ مُلِيْم{ [الصافات: 142] يدل على ارتكابه ما يُلام عليه.

·       قول يونس في دعائه: }سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِيْن{ [الأنبياء: 87 ] يدل على أنه ارتكب شيئًا منهيًّا عنه.

·       تحذير الله لنبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: }فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكِ وَلا تُكُن كَصَاحِبِ الحُوت{ [القلم: 48] يدل على أن في يونس أمرًا غير مرضيٍّ عنه، فكيف ذلك؟

والجواب:

أن يونس لمَّا رأى معارضة قومه تركهم مغاضِبًا لهم لا مغاضبًا لله عز وجل، وليست مغاضبة لهم لأمر شخصي، بل خالصة لله، وليس في ذلك عَيْب يُؤاخذ عليه.

قال الإمام ابن حزم في الملل: فأما يونس عليه السلام فلم يغاضب ربه، ولم يقل تعالى أنه ذهب مغاضبًا ربه، فمن زاد هذه الزيادة كان قائلًا على الله الكذب وزائدًا في القرآن ما ليس منه، وهذا ما لا يجوز فإنما هو غاضب قومه ولم يوافق ذلك مراد الله تعالى وإن كان يونس - عليه السلام - لم يقصد بذلك إلا رضاء الله عز و جل، والأنبياء يقع منهم السهو بغير قصد ويقع منهم الشيء يراد به وجه الله فيوافق خلاف مراد الله تعالى\".

وقد يُقال: إذا لم يكن في المغاضبة بهذه الصورة ما يُؤاخذ عليه فكيف يمتحنه الله هذا الامتحان الخطير بابتلاع الحوت له؟

والجواب: أن الامتحان كان لتعجُّله بمفارقتهم وعدم انتظار أمر من الله، وكان الأولى أن ينتظر، وإن كان له العذر في أنه اجتهد وأدَّاه اجتهاده إلى ذلك، لكن عتاب الله لأوليائه المقرَّبين قد يكون على ما يتسامح فيه مع الأشخاص العاديين.

وممَّا يدل على أن العتاب كان للتعجُّل بالهجرة ـ أمْرُ الله لنبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالصبر على ما يقوله قومه، ونهْيُه أن يكون كيونس في عدم الصبر عليهم.

على أن بعض العلماء رَأَى أن هذه المغاضبة كانت قبل أن يُرسله الله، فتركهم إلى جهة أخرى، وكان الأجدر به كمصلح أن يبقى معهم. ويشفع لرأيهم قولُ ابن عباس ـ رضي الله عنهما -: إن رسالة يونس كانت بعد نجاته من البحر.

أما ظنُّ يونس - عليه السلام - أن الله لن يقدر عليه فليس فيه نسبة العجز إلى الله، ولكن القَدْرَ ـ بسكون الدال ـ هنا يعني التضييق، كقوله تعالى: }لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِن سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهُ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ الله{ [الطلاق: 7]، وقوله: }اَلله\r\nُيَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ{ [الرعد: 26] فيونس - عليه السلام - ظن، والظن قد يُراد به اليقين، كما جاء في آيات كثيرة، ظنَّ أن الله لن يُضيِّق عليه واسعًا، وسيُبْدِلُه قومًا غير قومه، وليس في ذلك ما يُعاب عليه.

هذا، وشهادة الله ليونس - عليه السلام - بقوله: }فَاجْتَبَاهُ رُبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِيْنَ{ [القلم: 50] تُنبِّهُنا إلى عدَم اتِّهامه بما يَتَنافى مع هذه الشهادة العظيمة.

تعليقات

{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}

{{comment.Description}}

إضافة تعليق

;