مناظرات واصل الدمشقي مع بشير البطريق والنصارى (3/3)
- اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
- 2023/11/16
- 0 تعليق
- 125 قراءة
نستكمل المناظرات التي وقعت بين واصل الدمشقي من جانب وبشير البطريق والنصارى من جانب آخر، والتي أوردها ابن عساكر في كتابه \"تاريخ دمشق الكبير\":
دعا الملك بعظيم النصرانية، فلما دخل عليه سجد له الملك ومَنْ عنده أجمعون.
قال الشيخ: أيها الملك من هذا؟
قال الملك: هذا رأس النصرانية .. هذا الذي تأخذ النصرانية دينها عنه.
قال الشيخ: فهل له مِنْ وَلَدٍ؟ أم هل له من امرأة؟ أم هل له مِنْ عَقِبٍ؟
قال الملك: مالك أخزاك الله! هذا أزكى وأطهر أن يدنس بالحيض! هذا أزكى وأطهر من ذلك!
قال الشيخ: فأنتم تكرهون لأدميٍّ يكون منه ما يكون من بني آدم من الغائط والبول والنوم والسهر ولأحدكم من ذِكر النساء، وتزعمون أن رب العالمين سكن في ظُلمة الأحشاء وضيق الرحم ودُنِّسَ بالحيض!
قال القس: هذا شيطان من شياطين العرب رَمَى به البحر إليكم؛ فأخرجوه من حيث جاء.
فأقبل الشيخ على القس، فقال: عبدتم عيسى ابن مريم أنه لا أب له؛ فهذا آدم لا أب له ولا أم، خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته؛ فضموا آدم مع عيسى حتى يكون لكم إلهان اثنان!
فإن كنتم إنما عبدتموه لأنه أحيا الموتى فهذا حزقيل تجدونه مكتوبًا عنكم في التوراة والإنجيل، ولا ننكره نحن ولا أنتم، مر بميت فدعا الله فأحياه حتى كلَّمه؛ فضُموا حزقيل مع عيسى حتى يكون لكم حزقيل ثالث ثلاثة!
وإن كنتم إنما عبدتموه لأنه أراكم العَجَب، فهذا يوشع بن نون قاتل قومُه، حتى غربت الشمس؛ فقال لها: ارجعي بإذن الله, فرجعت اثني عشر برجا، فضموا يوشع بن نون مع عيسى يكون لكم رابع أربعة!
وإن كنتم إنما عبدتموه لأنه عُرِجَ به إلى السماء، فمِن ملائكة الله مع كل نفس اثنان بالليل واثنان بالنهار يعرجون إلى السماء، ما لو ذهبنا نعدهم لالتبس علينا عقولنا واختلط علينا ديننا وما ازددنا في ديننا إلا تحيرا.
ثم قال: أيها القس أخبرني عن رجلٍ حَلَّ به موتٌ أيكون أهون عليه أو القَتْل؟
قال القَسُّ: القَتْل.
قال الشيخ: فلم لم يقتل عيسى أُمَّهُ، عَذَّبَهَا بنَزْعِ النَّفْسِ؟ إن قلتً إنه قتلها فما بَرَّ أُمَّهُ مَنْ قتلها، وإِنْ قُلْتَ إنه لم يقتُلها ما بَرَّ أمه مَنْ عَذَّبَهَا بنَزْعِ النَّفْسِ.
قال القَسُّ: اذهبوا به إلى الكنيسةِ العُظمى فإنه لا يدخُلُهَا أَحَدٌ إلا تَنَصَّرَ.
قال الملك: اذهبوا به.
قال الشيخ: لماذا يُذْهَبُ بي ولا حُجة علَيَّ دُحِضَت!
قال الملك: لن يضرك، إنما هو بيت من بيوت ربك ، تَذْكُرُ اللهَ فيه.
قال الشيخ: إنْ كان هكذا فلا بأس.
فذهبوا به، فلما دخل الكنيسة, وضع أصبعيه في أذنيه ورفع صوته بالأذان, فجَزِعُوا لذلك جزعًا شديدًا، وضربوه، ولبَّبُوهُ (المراد: خنقوه)، وجاؤوا به إلى المَلِك، فقالوا: أيها الملك أحلَّ بنفسه القتل.
فقال له الملك: لم أحللتَ بنفسك القتل؟
فقال: أيها الملك أين ذُهب بي؟
قال الملك: ذهبوا بك إلى بيتٍ من بيوت الله عز وجل لتذكر فيه ربك عز وجل !
قال الشيخ: فقد دخَلْتُ وذكرتُ ربي بلساني وعظّمْتُهُ بقلبي، فإنْ كان كُلَّما ذُكِرَ الله في كنائسكم يَصْغُرُ دينُكم؛ فزادكم الله صغارًا !
قال المَلِك: صَدَقَ، ولا سبيلَ لكم عليه .
قالوا: أيها الملك! لا نرضى حتى تقتله .
قال الشيخ : إنكم متى قتلتموني فبلغ ذلك ملِكَنا وضع يده في قتل القِسِّيسين والأساقفة وخرَّب الكنائس وكَسَر الصِّلْبَان ومَنَعَ النَّوَاقِيْسَ .
قال الملك: فإنه يَفْعَلُ؟
قال الشيخ: نعم! فلا تَشُكُّوا.
ففكَّروا في ذلك فتركوه .
قال الشيخ: أيُّها الملك! ما عابَ أهلُ الكتاب على أهل الأوثان؟
قال: بما عبدوا ما عملوا بأيديهم .
قال: فها أنتم تعبدون ما عَمِلْتُم بأيديكم هذا الذي في كنائسكم! فإن كان في الإنجيل فلا كلام لنا فيه، وإن لم يكن في الإنجيل فلم تُشَبِّهُ دينك بدينِ أهل الأوثان!
قال الملك: صدق، هل تجدون في الإنجيل؟
قال القس: لا .
قال الملك: فلم تشبّه ديني بدين أهْلِ الأوثان؟ فأمر بِنَقْضِ الكنائس؛ فجعلوا ينقضونها ويبكون .
قال القس: إن هذا لشيطان من شياطين العرب رَمى به البحر إليكم؛ فأخرجوه من حيث جاء؛ فلا يقطر من دمه قطرة في بلادكم فيفسد عليكم دينكم.
فوكَّلُوا به رجالًا، فأخرجوه إلى بلاد \"دمشق\"، ووضع الملك يَدَهُ في قتل القسيسين والأساقفة والبطارقة حتى هربوا إلى الشام لأنهم لم يجدوا أحدًا يُحاجُّه.
للاطلاع على المناظرة الأولى:
مناظرات واصل الدمشقي مع بشير البَطْرِيق والنصارى (1/3)
للاطلاع على المناظرة الثانية:
تعليقات
{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}
{{comment.Description}}
إضافة تعليق