logo

مـناظرة بـيـن علماء الــسنة وعلماء الــشيعة (2)*

مـناظرة بـيـن علماء الــسنة وعلماء الــشيعة (2)*

  • asd
  • 2024/08/28
  • 0 تعليق
  • 112 قراءة

 

 

بعض تفاصيل المؤتمر:

     نادر شاه أرسل إلى أحد علماء السنة لمناظرة علماء الشيعة في مذهب الاثني عشر فجاء عبد الله بن الحسين لهذا الأمر.

    عندما سمع الملا باشا (عالم الشيعة) أن قاضي بخارى (عالم سني) يُقال له بحر العلم قال:

    كيف يسوغ له أن يُلقب ببحر العلم وهو لا يعرف من العلم شيئاً، فوالله لو سألته عن دليلين في خلافة علي (رضي الله عنه) لما إستطاع أن يُجيب عنهما، بل ولا الفحول من أهل السنة - وكرر الكلام ثلاث مرات -.

    فقلت له (أي عبد الله بن الحسين وكان موجوداً في المجلس):

    وما هذان الدليلان اللذان لا جواب عنهما؟

    قال (الملا باشا = م):

    قبل تحرير البحث أسألك هل قوله صلى الله عليه وسلم لعلي: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) ثابت عندكم؟

    قلت (عبد الله = ع):

    نعم إنه حديث مشهور.

    فقال (م): هذا الحديث بمنطوقه ومفهومه يدل دلالة صريحة على أن الخليفة بالحق بعد النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب.

    قلت (ع): ما وجه الدليل من ذلك؟

    قال(م): حيث أثبت النبي لعلي جميع منازل هارون ولم يستثن إلا النبوة - والإستثناء معيار المعلوم - فثبتت الخلافة لعلي لأنها من جملة منازل هارون، فإنه لو عاش لكان خليفة عن موسى.

    فقلت(ع): صريح كلامك يدل على أن هذه القضية موجبة كلية، فما صور هذا الإيجاب الكلي؟

    قال(م): الإضافة التي في الإستغراق بقرينة الإستثناء.

    فقلت(ع): أولاً إن هذا الحديث غير نص جلي، وذلك لإختلاف المُحدثين فيه، فمن قائل إنه صحيح، ومن قائل إنه حسن، ومن قائل إنه ضعيف، حتى بالغ ابن الجوزي فادعى أنه موضوع.

    فكيف تثبتون به الخلافة وأنتم تشترطون النص الجلي؟!

    فقال(م): نعم نقول بموجب ما ذكرت، وإن دليلنا ليس هذا، وإنما قوله صلى الله عليه وسلم (سلموا على علي بإمرة المؤمنين )، وحديث الطائر، ولأنكم تدعون أنهما موضوعان فكلامي في هذا الحديث (أي حديث موسى وهارون عليهما السلام) معكم لما لم تثبتوا أنتم الخلافة لعلي به؟

    قلت(ع): هذا الحديث لا يصلح أن يكون دليلاً من وجوه:

    منها أن الاستغراق ممنوع، إذ من جملة منازل هارون كونه نبياً مع موسى، وعلي ليس بنبي بإتفاق منا ومنكم، لا مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعده، فلو كانت المنازل الثابتة لهارون - ما عدا النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم - ثابتة لعلي لإقتضى أن يكون علي نبياً مع النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبوة معه لم تُستثن وهي من منازل هارون كونه أخاً شقيقاً لموسى، وعلي ليس بأخ، والعام إذا تخصص بغير الإستثناء صارت دلالته ظنية، فليحمل الكلام على منزلة واحدة كما هو ظاهر التاء التي للوحدة، فتكون الإضافة للعهد وهو الأصل فيها، و( إلا) في الحديث بمعنى (لكن) كقولهم: فلان جواد إلا أنه جبان، أي لكنه.

    فرجعت القضية مهملة يراد منها بعض غير معين فيها وإنما نعينه من خارج، والمعين هو المنزلة المعهودة حين إستخلف موسى هارون على بني إسرائيل، والدال على ذلك قوله تعالى (اخلفني في قومي) ومنزلة علي هي إستخلافه على المدينة في غزوة تبوك.

فقال (م): والإستخلاف يدل على أنه أفضل وأنه الخليفة بعد.

فقلت (ع): لو دل هذا على ما ذكرت لإقتضى أن ابن أم مكتوم خليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه استخلفه على المدينة، واستخلف غيره، فلما خصصتم علياً بذلك دون غيره مع إشتراك الكل في الإستخلاف؟ وأيضاً لو كان هذا من باب الفضائل لما وجد علي (رضي الله منه) في نفسه وقال: (أتجعلني مع النساء والأطفال والضعفة ). فقال النبي صلى الله عليه وسلم تطييباً لنفسه (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى).

فقال(م): قد ذُكر في أصولكم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

قلت(ع): إني لم أجعل خصوص السبب دليلاً، وإنما هو قرينة تعيين ذلك البعض المهم.

    فانقطع....

    ثم قال(م): عندي دليل آخر لا يقبل التأويل، وهو قوله تعالى (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ).

    قلت(ع) له: ما وجه الدلالة من هذه الآية؟

    فقال (م): أنه لما أتى نصارى نجران للمباهلة إحتضن النبي صلى الله عليه وسلم الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة (رضي الله عنها) من ورائهم وعلي (رضي الله عنه) خلفها، ولم يقدم إلى الدعاء إلا الأفضل.

    قلت (ع): هذا من باب المناقب لا من باب الفضائل وكل صحابي اختص بمنقبة لا توجد في غيره، كما لا يخفى على من تتبع كتب السير.

    وأيضاً إن القرآن نزل على أسلوب كلام العرب، وطرز محاوراتهم، ولو فرض أن كبيرين من عشيرتين وقع بينهما حرب وجدال، يقول أحدهما للآخر: ابرز أنت وخاصة عشيرتك وأبرز أنا وخاصة عشيرتي فنتقابل ولا يكون معنا من الأجانب أحد، فهذا لا يدل على أنه لم يوجد مع الكبيرين أشجع من خاصتهما. وأيضاً الدعاء بحضور الأقارب يقتضي الخشوع المقتضي لسرعة الإجابة.

فقال(م): ولا ينشأ الخشوع إذ ذاك إلا من كثرة المحبة.

فقلت(ع): هذه محبة مرجعها إلى الجبلة والطبيعة، كمحبة الإنسان نفسه وولده أكثر ممن هو أفضل منه ومن ولده بطبقات فلا يقتضي وزراً ولا أجراً إنما المحبة المحدودة التي تقتضي أحد الأمرين المتقدمين إنما هي المحبة الإختيارية.

فقال(م): وفيها وجه آخر يقتضي الأفضلية، وهو حيث جعل نفسه صلى الله عليه وسلم نفس علي، إذ في قوله (أبناءنا) يراد الحسن والحسين وفي (نساءنا) يراد فاطمة، وفي (أنفسنا) لم يبق إلا علي والنبي صيى الله عليه وسلم.

فقلت(ع): الله أعلم أنك لم تعرف الأصول، بل ولا اللغة العربية.

كيف وقد عبر بأنفسنا والأنفس جمع قلة مضافاً إلى (نا) الدالة على الجمع ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي تقسيم الآحاد، كما في قولنا (ركب القوم دوابهم) أي ركب كل واحد دابته.

وهذه مسألة مصرحة في الأصول، غاية الأمر أنه أطلق الجمع على ما فوق الواحد وهو مسموع كقوله تعالى (أولئك مبرؤن مما يقولون) أي عائشة وصفوان (رضي الله عنهما )، وقوله تعالى (فقد صفت قلوبكما) ولم يكن لهما إلا قلبان.

على أن أهل الميزان (أي علم المنطق) يطلقون الجمع في التعاريف على ما فوق الواحد، وكذلك أطلق الأبناء على الحسن والحسين، والنساء على فاطمة فقط مجازاً.

نعم لو كان بدل أنفسنا بـ (نفسي) لربما كان له وجه ما بحسب الظاهر.

وأيضاً لو كانت الآية دالة على على خلافة علي لدلت على خلافة الحسن والحسين وفاطمة (رضي الله عنهم) مع أنه بطريق الإشتراك، ولا قائل بذلك لأن الحسن والحسين إذ ذاك صغيران، وفاطمة مفطومة كسائر النساء عن الولايات، فلم تكن الآية دالة على الخلافة.

فانقطع......

 

    ثم قال(م): عندي دليل آخر وهو قوله تعالى (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) أجمع أهل التفسير على أنها نزلت في علي حين تصدق بخاتمه على السائل وهو في الصلاة و( إنما) للحصر، و( الولي) بمعنى (الأولى منكم بالتصرف ).

    فقلت(ع): لهذه الآية عندي أجوبة كثيرة.

    وقبل أن أشرع في الأجوبة قال بعض الحاضرين من الشيعة باللغة الفارسية يخاطب الملا باشي بشيء معناه: إترك المباحثة مع هذا فإنه شيطان مجسم وكلما زدت في الدلائل وأجابك عنها إنحطت منزلتك.

    فنظر إلي وتبسم وقال (م): إنك رجل فاضل تجيب عن هذه وعن غيرها، ولكن كلامي مع بحر العلم (وهو القاضي هادي خوجة قاضي بخارى) فإنه لا يستطيع أن يجيب.

    فقلت(ع): الذي كان في صدر كلامك أن فحول أهل السنة لا يستطيعون الجواب، فهذا الذي دعاني إلى المعارضة والمحاورة.

    فقال(م): أنا رجل أعجمي ولا أتقن العربية فربما صدر مني لفظ غير مقصود لي... (يتبع).

الجزء الثالث

 (*) المصدر (Islamicweb).

 

تعليقات

{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}

{{comment.Description}}

إضافة تعليق

;