logo

عودة الشيخ عبدالقادر السندي - رحمه الله - إلى السلفية*

عودة الشيخ عبدالقادر السندي - رحمه الله - إلى السلفية*

  • asd
  • 2023/11/16
  • 0 تعليق
  • 135 قراءة

قال - غفر الله له - في كتيبه النادر «الضوء القرآني والسني على عقيدة النبهاني» (ص 37 - 44):

(لقد كنتُ في بلادي السند وأنا صغير لم أبلغ الحلم أسمع هذه الكلمة (الوهابية) من أفواه مشايخ الطرق، الذين كانوا دائماً وأبداً يحذرون عوام الناس وخواصهم منها، ووضعوا لها مفهوماً خطيراً، تقليداً لغيرهم ممن سمعوا منهم، لدعاية خبيثة ماكرة، مع علمهم أنها جاءت من أسيادهم المستعمرين الذين كانوا يحكمون البلاد الهندية وغيرها بالحديد والنار؛ لكي يصدوا بها الناس؛ لئلا يقبلوا على هذه الدعوة الكريمة التي جدد الله بها دينه، وأعلى بها كلمته، وكان العدو يخشى من ظهور هذه الدعوة الكريمة، وانتشارها في العالم كله، خصوصاً في القارات التي كانت تحت سيطرته وبطشه؛ لأن هذه الدعوة الكريمة كانت تقف أمام العدو بالمرصاد وتحول بينه وبين مخططاته الاستعمارية الخبيثة.

ولم يكن هذا النوع من الدعوة الكريمة منحصراً وجوده في نجد وحدها فقط، بل كان في كل مكان وزمان، وهناك رجال مخلصون يدعون إلى هذه الدعوة الكريمة، إلا أن الدعوة لم تلق دعماً قويًّا، ومساندة فعّالة مثالية إلا في ديار نجد، على يد الأمراء السعوديين، وعلى رأسهم الإمام محمد بن سعود تغمده الله برحمته ورضوانه وجعل الجنة مثواه وسائر أبنائه وأحفاده رحمهم الله تعالى، فتقَوَّى أمر هذه الدعوة السامية، فصار لها صدى عظيم في أنحاء العالم، وأعدل دليل على ذلك أن من سمع الإذاعة البريطانية في تلك الأيام المباركة التي رجعت هذه البلاد مرة ثانية إلى أهلها كانت تقول الإذاعة البريطانية: إن الجيش الوهابي فعل كذا، وترك كذا، ومن هنا كان انتشار هذه الكلمة بمفهومها الخاص في أطراف العالم، نعم وصل صوت الدعوة الحلو الرنين، من أقصى الدنيا إلى أعلاها، ومن أعلاها إلى أقصاها، في وقت لم تكن وسائل المواصلات موجودة البتة بمثل ما توجد في الوقت الحاضر، إلا أن العدو اللعين الماكر اتخذ - بسياسته الماكرة الخبيثة، وحيله الإبليسية دفاعاً لنفسه، ومخططاته الاستعمارية - سماسرة مأجورين من كل نوع وصنف في كل مكان، ممن عُرفوا ببيع الضمائر رخيصة للاستعمار، وهم ينتسبون إلى العلم زوراً وبهتاناً؛ أمثال أحمد زيني دحلان بمكة، والنبهاني بالشام، وأحمد رضا خان بالهند، وغيرهم عاملهم الله تعالى بما يستحقون.

نعم: فاتخذهم العدو، واشترى ضمائرهم بمبلغ كبير من المال لكي يشوهوا حقائق هذه الدعوة السامية، فأساؤوا إليها بتلصيقهم إياها بأنواع من الدعايات المغرضة الفاسدة، فحرفوا مبادئها العليا، وقواعدها الرفيعة، وفي ضوء تلك الدعاية حرفوا القرآن الكريم ونصوص السنة الصحيحة حسب هواهم الفاسد، فجعلوا لهذه الكلمة (الوهابية) مفهوماً خاصًّا، ومعنىً بشعاً خبيثاً؛ لكي يدندنوا حوله، فلما كان نجد قد ورد ذكره في الأحاديث الصحيحة وعدم دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لأهله دون أن يحققوا ما هو النجد المعني في الحديث الشريف، ولم يلتفتوا إلى تلك القرائن الواضحة الظاهرة التي تنطبق على ذلك النجد، وما هو كلام أهل الحديث من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في نجد، الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه . وقد ذكر العلامة ياقوت الحموي في معجم البلدان عشرات من النجود وكذا غيره، وليس المراد الذي عينوه هم، فتركوا كل هذا مع علمهم ويقينهم أن نجداً الوارد في الحديث ليس هو الذي عينوه، وأشاروا إليه في هذه الدعاية الماكرة الخبيثة الفظيعة التي أقامها الاستعمار وعملاؤه في أطراف العالم على أنقاض هؤلاء السماسرة الدخلاء المأجورين، ومن هنا كان هذا المفهوم الجديد الخبيث شائعاً وذائعاً في أطراف العالم، وهو أن الوهابية تعادي الرسول صلى الله عليه وسلم وتحرم الصلاة عليه، وهدمت القباب والأبنية التي كانت مبنية على قبور الصحابة وغيرهم رضي الله تعالى عنهم، وكان للاستعمار في كل بلد وقرية ممثل يقوم بنشر هذه السخافات والترهات، ومن هنا انتشرت كلمة (الوهابية) في العالم كله؛ في شرقه وغربه وجنوبه وشماله، بمفهومها الخاص، فانظر فلسفة المستعمر.

إن الداعي في نجد إلى هذه الدعوة المحمدية كان اسمه بلا خلاف بين جميع المسلمين (محمد بن عبدا لوهاب) فكان من الواجب أن تنسب الدعوة بمفهومها الخاص عند هؤلاء بالقياس الصحيح عند جميع أهل اللغة (بالمحمدية) لأن اسم صاحبها والداعي لها (محمد) وليس عبد الوهاب، إلا أنهم لم يرضوا بهذه النسبة الصحيحة الموافقة للواقع واللغة العربية خوفاً على كشف مؤامرتهم الخبيثة أمام عوام الناس من المسلمين وخواصهم، لأن الدعوة إذا حملت اسماً صحيحاً، ونسبة صحيحة فلابد لها من قبول، وإقبال عليها؛ لأنها تحمل اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت ممن اغتر بهذه الدعاية الماكرة الخبيثة وأنا في بلدي - السند - فلما أكرمني الله تعالى بالهجرة إلى هذه البلاد المقدسة وذلك في عام 1368هـ من بلدي ومسقط رأسي حظيت بلقاء إنسان كريم فاضل جاء من الهند إلى المدينة مهاجراً إلى الله تعالى، وكان حاله سابقاً كحالي، إلا أنه رحمه الله تعالى التجأ بعد الله تعالى إلى مطالعة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن طريق الشيخ العلامة الطيب الأنصاري رحمه الله تعالى، فتلذذ بمطالعتها جدًّا حتى اعتنق العقيدة السلفية عن طريق هذه الكتب النافعة، ولابد من ذكر هذا الرجل رحمه الله تعالى وهو العلامة الأثري الشيخ رشيد أحمد بن إبراهيم الهندي رحمه الله تعالى المتوفى في ذي القعدة عام 1381هـ بالمدينة المنورة، وكان رحمه الله تعالى قد أسس بعد اعتناقه العقيدة السلفية مدرسة - بناء على موافقة سامية كريمة - سماها دار العلوم السلفية، ومن هنا بدأت لي حياة جديدة بلقاء هذا الرجل الكريم، فكان يلقي إليَّ دروسه في المسجد النبوي الشريف مساءً، وكان يبكي كثيراً عند إلقائه الدروس في التوحيد فرحاً واستبشاراً، وكان يقول دائماً رحمه الله تعالى: لو متُ يا بنيّ قبل اعتناق هذه العقيدة الصافية النقية لمت على غير ملة الإسلام، ولما كان يأتي اسم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وكذا اسم الإمام ابن القيم والإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى أثناء إلقاء الدروس كان يترحم عليهم كثيراً، ويمجد ذكرهم وشأنهم، ودائماً يوصي الطلبة بمطالعة كتبهم رحمه الله تعالى، وفي تلك الأيام بالذات قد كشف الله تعالى عن قلبي الغطاء، ثم عرفت بعد ذلك أن الدنيا والله في غيبوبتها وضلالها إلا ما شاء الله تعالى، ولقد تأكدت حينئذٍ تماماً أن هذه الوهابية المزعومة في أنظار هؤلاء لا تعادي الرسول صلى الله عليه وسلم أبداً، وإنما هي التي تحبه وحدها، لما درست عنها دراسة وافية شافية، وعما تعتقده في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي التي توجب الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وتجعلها ركناً من أركان الصلاة، فإن تركها أحد عامداً أو ناسياً، بطلت صلاته عندها، وهذا هو مذهب أهل الحديث، بينما تنص كتب أخرى فقهية - والتي تمسك بها هؤلاء الذين أقاموا هذه الدعاية الكبرى - بأن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست ركناً من أركان الصلاة عندهم، فإن تركها أحد ناسياً سجد سجدتي سهو، فلا تبطل صلاته عندهم، ومن هنا كتب العلامة المحدث الشيخ مسعود عالم الندوي كتاباً بارعاً عظيماً في ترجمة شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى باللغة الأردية دفاعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن دعوته الكريمة وفند جميع شبه أهل الباطل: من عباد القبور والأضرحة التي تمسكوا بها، فجزاه الله تعالى أحسن الجزاء، وجعل الجنة مثواه - هذا هو مفهوم الوهابية عند النبهاني وأمثاله في كتبهم ورسائلهم التي سبق الوصف الدقيق عنها.

______________

* صيد الفوائد (من كتاب: العائدون إلى السلفية).

تعليقات

{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}

{{comment.Description}}

إضافة تعليق

;