logo

مقابلة مع سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -

مقابلة مع سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -

  • اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
  • 2023/11/16
  • 0 تعليق
  • 49 قراءة

هذه مقابلة مع سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -، أذيعت في البرنامج العام في 15 شوال 1403 ضمن برنامج \"هؤلاء علموني\"، وأعيد بثها في إذاعة القرآن الكريم سنة 1424هـ.

فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين، من أبناء عنيزة، ومن علماء المملكة، لكم تاريخكم المعروف، ونريد أن نكون معكم لنتعرف على العلماء وعلى الشخصيات وعلى المشايخ الذين مروا في حياتكم، وأثروا عليكم خاصة منذ بداية حياتكم، منذ نشأتكم الأولى، منذ بداية وعيكم، منذ تفتحكم، فلنبدأ مع المرحلة الأولى.

الحمد لله، أنا كغيري من أبناء هذا البلد، في ذا من الصغر كان الناس يقرؤون على مدرّسين في الكتّاب على الطراز الأول، وقد حفظت القرآن قراءةً على جدي: أبي والدتي - رحمه الله - عبدالرحمن بن سليمان آل دامغ.

وبعد أن أنهيت هذه القراءة انتقلت إلى مدرسة أخرى، هي أيضًا يدرس فيها ابن عم جدي - رحمه الله -، واسمه عبدالعزيز بن صالح بن دامغ، يدرس فيها القرآن، وشيئًا من الأدب، وشيئًا من علم الحساب، وبقيت هناك حتى أدركت منها ما شاء الله.

ثم بدا لي أن أقرأ القرآن عن ظهر قلب، فدخلت مدرسة يدرّس فيها علي العبدالله الشحيتان أحد المدرسين في عنيزة، وحفظت القرآن فيها عن ظهر قلب.

- كم كان عمرك؟

حوالي 11 سنة في ذلك الوقت.

ثم إني بدا لي وبتوجيه من والدي -رحمه الله- أن أرتقي إلى مدرسة أعلى، وهي المدرسة التي في الجامع الكبير، تحت رعاية شيخنا الكبير عبدالرحمن بن ناصر ابن سَعدي - رحمه الله -، وكان هذا الشيخ له شهرته في علمه ومصنفاته، وربما أذكر عنه شيئًا بعد، لكنه - رحمه الله - كان يدرس الطلبة الكبار، وقد جعل رجلين من الطلبة يعلمان المبتدئين، أحدهما: الشيخ محمد بن عبدالعزيز المطوَّع، وكان هو شيخي الذي تلقيت عليه أول علمي، والثاني: الشيخ علي بن حمد الصالحي، دخلت المدرسة، أو بالأصح انتظمت في سلك طلبة العلم عند شيخي الأول محمد بن عبدالعزيز المطوع - رحمه الله -، وكان جيدًا في علم العربية، أدركتُ منه كثيرًا، وكذلك أيضًا كان يدرّسنا \"مختصر العقيدة الواسطية\" من تأليف شيخنا عبدالرحمن بن ناصر آل سَعدي، ويدرسنا أيضًا منهج السالكين في الفقه لشيخنا المذكور عبدالرحمن الناصر السعدي.

- كم كان عمرك في تلك المرحلة فضيلة الشيخ محمد؟

في ظني أن عمري 16 سنة أو 17 سنة، لأني بقيت في حفظ القرآن حوالي ثلاث سنوات.

ثم إني انتقلت إلى الجلوس في حلقة شيخنا عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي - رحمه الله -، وهو الذي أدركتُ عليه العلم كثيرًا، لأنه رحمه الله له طريقة خاصة في تدريسه، وهو أنه يجمع الطلبة على كتاب واحد، ثم يقوم بشرحه.

- ما هي المادة؟

أي مادة كانت، حتى أحيانًا - رحمه الله - نقرأ عليه في التفسير فيفسر لنا القرآن الكريم، ما يعتمد على كتاب آخر، يفصله، ويحلل ألفاظه، ويستنبط ما يستنبط منه من فوائد، درسنا عليه - رحمه الله -، وكان مركّز دروسنا عليه في فن الفقه وقواعده وأصوله، وقد حصلنا -ولله الحمد- منه شيئًا كثيرًا، بالإضافة إلى ذلك كان يدرّسنا في التوحيد ويدرّسنا في النحو، وبقينا على هذا مدة معه - رحمه الله -، وفي الحقيقة أن له عليَّ فضلًا كبيرًا من الله - سبحانه وتعالى -، ذَكر لي أن والدي رحمه الله - وكان في الرياض، أول ما بدأ التطور في الرياض - أحب والدي أن أنضم إليه هناك، ولكن شيخنا - رحمه الله - عبدالرحمن بن سعدي كتب إليه يقول: دعوا لنا هذا يكون من نصيبنا، هذا الولد يكون من نصيبنا، فجزاه الله عني خيرا.

- وكانت هذه رغبتك في نفس الوقت؟

وهي رغبتي، فبقيت عنده مدة، ثم انقطعت عن الدراسة.

- لماذا؟

لأنه حصل عند الناس نشاط في الأراضي في عمارتها في الغرس، في مكان يقال له الوادي، وكنا نحن من الذين اشتغلوا في ذلك مدة، ولكن الله سبحانه وتعالى منّ بفضله فعدنا إلى الدراسة على الشيخ - رحمه الله -.

وفي عام 1372 من الهجرة أشار علينا بعض الإخوان أن نلتحق بالمعاهد العلمية التي فُتحت في الرياض، واستشرت شيخنا عبدالرحمن - رحمه الله - في ذلك، وأشار عليّ أن أدرس فيها.

- في هذه المرة وافق على ذهابك؟

[وافق] على ذهابي لأنني سأذهب إلى علم، إلى طلب العلم في الرياض؛ في المعاهد العلمية، وفعلًا ذهبت إلى هناك، ودرست في المعهد، واتصلت بشيخنا الثاني عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، وكان لي عليه دروس في بيته خاصة، وكذلك أيضًا في المسجد، قرأنا عليه في علم الحديث - لأنه كان رحمه الله - له إلمام كبير في علم الحديث ورغبة أكيدة، وفتح لنا جزاه الله خيرًا أبوابًا جيدة في هذا الموضوع، فقرأنا عليه من صحيح البخاري، وقرأنا عليه أيضًا في مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية، ولا يحضرني الآن كل ما قرأت عليه، المهم أنني انتفعت بقراءتي عليه من حيث التوجيه والانتقال من العكوف على الكتب الفقهية وتمحيص الأقوال وتلخيصها، انتقلت من هذه المرحلة إلى مرحلة الحديث، ولست من الذين يصح أن يُنسبوا إلى علم الحديث، ولكني اتجهت إلى علم الحديث.

- هل كان لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز تأثير مباشر عليك في أنك تتجه لعلم الحديث، أم هناك أناس آخرين، علماء آخرين؟

لا، على كل حال ما اتصلت بغيره، في الرياض ما اتصلت بغيره، وكان الأثر المباشر من الشيخ نفسه، وأيضًا الإنسان إذا تذوق العلم وعرف فائدته يكون له حافز من نفسه.

بقيت في الرياض إلى سنة 1373 ثم رجعت إلى عنيزة.

- ماذا أتممت في هذه الفترة فضيلة الشيخ محمد؟

أتممنا الدراسة في المعهد لأننا بدأنا من السنة الثانية، وفي ذلك الوقت كان نظام القفز، أن الطالب يدرس في الفترة الصيفية دروس السنة المستقبلة، ثم يمتحن فيها في الدور الثاني، ويرتقي إلى السنة الثالثة، فأنا قفزت، يعني قرأت الثانية وتخرجت منها طبيعيًّا، ثم قفزت وأدركت الثالثة، ثم أخذت الرابعة سنة 74 بالانتساب، لأن المعهد العلمي كان قد فتح في عنيزة، وكان محتاجًا إلى المدرسين، فرجعت في عام 74 إلى عنيزة، وابتدأت التدريس في معهد عنيزة من عام 1374، وأخذت السنة الرابعة بعد ذلك بالانتساب، وبقيت هكذا منتسبًا، حتى أتممت ولله الحمد كلية الشريعة بالانتساب.

ولما توفي شيخنا عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي - رحمه الله - في عام 76 كان شيخنا الأول محمد بن عبدالعزيز المطوع قاضيًا في هذا البلد في بلد عنيزة، فرأى هو وأميرها في ذلك الوقت أن أتولى إمامة الجامع الكبير في عنيزة، فجعل لي ولاية الإمامة في هذا المسجد، وتوليت الخطابة فيه في الجمعة الثانية بعد موت شيخنا - رحمه الله -.

بقيت مدرسًا في معهد عنيزة، ولما افتتح فرع الجامعة في القصيم صرت أدرّس فيها في السنة الثانية من فتحها، جامعة الإمام محمد بن سعود، درّست فيها أول سنة على ملاك المعهد.

- في أي مادة؟

درست فيها أول سنة في مادة التفسير، وكنت على ملاك المعهد، ثم صرت فيها مدرسًا أصليًّا، وبعد صار عندي تدريس في التوحيد، وفي الفقه.

ننتقل الآن إلى مرحلة التأليف، نريد أن نعرف عندما بدأت أيضًا تتجه إلى التأليف وإعطاء هذه العلوم، وما اختزنته أثناء دراستك، وأثناء طلبك للعلم، وما أخذته من العلماء والمشايخ، وما تلقيته منهم، ثم من خلال ما اشتغلت فيه، عكفته في تأليفات أو في مؤلفات أو في كتب، نريد أن نأخذ فكرة عن هذه الكتب وعن هذه المؤلفات، وعن موادها وعن محتوياتها.

نعم، أولًا أن من ألّف فقد استَهدف، ولكن الذي شجعني على التأليف أمران، أحدهما: أن المؤلف يحرص غاية الحرص على أن يتعمق في المادة التي يريد التأليف فيها، وهذه فائدة عظيمة للمؤلف، أضف إلى ذلك أنه تعمق فيها وقيّد ما تعمق به في هذه المؤلفات فستمكث في نفسه أكثر.

الأمر الثاني مما شجعني على التأليف: أنه في حياة شيخنا عبدالرحمن بن سعدي - رحمه الله - كنا نقرأ عليه في العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، وكنت أكتب - كطالب - أكتب عليها شرحًا للآيات وللأحاديث ولكلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وأظن أنني كتبت أربعة دفاتر، ولكني ما كملتها، إلا أنني إذا كتبت شيئًا عرضته على الشيخ عبدالرحمن - رحمه الله -، وكان يشجعني على ذلك كثيرًا، ويأمرني بأن أستمر، ويرغّبني في هذا، ولذلك منذ ذلكم الحين، أنا أحب أن أؤلف، وكان لي - ولله الحمد - مؤلفات، منها شيء قد طبع، ومنها شيء لم يطبع، فمنها أنني شرعت في تفسير آيات الأحكام واستنباط الأحكام منها، لا على سبيل النقل كما يفعله بعض الناس، ولكن على سبيل الاستنباط أولًا، لأن الذي ينبغي للمستدل بالكتاب والسنة أن لا يعتمد على غيره فيما يستنبط، بل أن يستنبط أولًا بنفسه، ثم بعد ذلك يعرض ما استنبطه على ما استخرجه غيره من هذه الآيات والأحاديث، من أجل أن يكون مُبدعًا لا متبعًا، والإنسان إذا قصر نفسه على اتباع غيره فإنه يجمد ذهنه، ولا يستفيد من نصوص الكتاب والسنة، ولذلك أنا أدعو إخواني من أهل العلم أن يكون دائمًا الأصل الذي يبنون عليه هو الكتاب والسنة، والتحرر في الأفكار، بل الأصح التحرر في التفكير، وجعل الفكر تابعًا لما دل عليه الكتاب والسنة، حتى يكون الإنسان متحررًا حقيقة، ثم بعد ذلك يعرض ما بدا له على ما استنبطه أهل العلم، فلعله يجد خطًأ فيما استنبط، فيوفَّق للرجوع إليه، فكان لي همة في ذلك، وفعلًا كتبت في بعض الدفاتر عندي شيئًا من هذا، من آيات الأحكام بدأت من آيات البقرة، واستنبطت أظن من آية القصاص أكثر من واحد وعشرين مسألة - فائدة.

ثم كان لي شروح على العقيدة الواسطية، لأني كنت أدرّسها في المعهد، وعلى كتاب لمعة الاعتقاد، لأني درّسته أيضًا، تعليق على لمعة الاعتقاد مطول، وتعليق مختصر.

وكان لي تأليف مختصر في المصطلح، درسه الطلبة، وتأليف مطول أطول منه درسه الطلبة أيضًا، حرصت فيه على التبويب والتقسيم والإيضاح في الأمثلة، لأن ذلك مهم جدًا في نظري، ولاسيما بالنسبة للمصطلح.

كان لي أيضًا تأليف في أصول الفقه كتاب مختصر واسمه الأصول من علم الأصول.

وكان لي أيضًا تأليف في الفرائض كتاب مطول، اسمه تسهيل الفرائض، جمعنا فيه بين المسائل والدلائل، وكان لي كتاب مختصر يدرس الآن في المعاهد في الفرائض، في فقه الفرائض فقط، أيضًا اتبعنا فيه طريق القرآن، ولم نتبع ما كان عليه أكثر الفرضيين، فإن أكثر الفرضيين يقولون مثلًا: باب السدس، باب الربع، باب الثمن، ويذكرون من يرث، وأما طريقة القرآن فإنه يذكر أحوال الوارث، لأجل أن تكون المسائل محصورة، فيقول مثلًا - عز وجل - في حالة المرء تارة كذا وتارة كذا، ولذلك اخترنا في كتابنا تسهيل الفرائض اخترنا هذه الطريقة، أن نتكلم على كل وارث على حدة، حتى يتبين الأمر جليًا وينحصر العلم للطالب.

كذلك أيضًا لنا تأليف في غير حقل التدريس، مجالس رمضان، ثلاثون بابًا، كل يوم أو كل ليلة لها باب، بحثنا كيف الصيام وأحكامه والزكاة ومسائل أخرى.

لنا كتاب أيضًا اسمه الأضحية والذكاة، ولنا كتاب أيضًا رسالة في الحجاب، حكم حجاب المرأة، وأنه يجب على المرأة أن تستر وجهها وجميع بدنها عن غير المحارم.

كذلك أيضًا كتاب اسمه الدماء الطبيعية في الحيض والنفاس والاستحاضة، وكل هذا مطبوع.

لنا رسائل أخرى أيضًا، في سجود السهو، وفي مشاكل الشباب والطريق إلى حلها، ورسائل أيضًا في الربا، ورسائل في مواقيت الصلوات، ورسائل في طهارة المريض، كذلك أيضًا في سجود السهو، وغير هذا، والحمد لله.

ولنا في حكم الطلاق الثلاث، وأنه لا يكون إلا واحدة، سواء كان بلفظ واحد أو بألفاظ متعددة، ما لم يكن رجعة أو عقد جديد.

- نريد من خلال مطالعاتك، ومن خلال قراءاتك، أن تعرف مَن مِن سلفنا لهم تأثير عليك غير الشيوخ المباشرين والعلماء المشايخ الذين تعلمت عليهم، من الذين قرأت لهم؟

الإنسان يقرأ ويتأثر، وأحيانًا يقرأ ولا يتأثر، والذي أرى أنه يتأثر القارئ بكتبه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، فإنه له تأثير قوي بالنسبة لإيمان العبد ومعرفته بأسرار الشريعة وبالنسبة لقوة الحجة والإقناع والدفاع، ولهذا أنا أنصح كل من يريد الوصول إلى الحق من منبعه الصافي أن يقرأ في كتب هذا الإمام، لأنه بحقٍّ إمام - رحمه الله - وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرا.

وكذلك أيضًا تلميذه ابن قيم أسلوبه مؤثر جيد، أسلوبه وإقناعه أيضًا، لكني أنا قد أتأثر بكلام الشيخ أكثر منه؛ من تأثري بكلام ابن قيم.

كذلك أيضًا تأثرت بتلميذه ابن مفلح صاحب كتاب الفروع في فقه الإمام أحمد بن حنبل، لأن له توجيهات طيبة جدًا في الفقه، تدل على عمق معرفته بأسرار الشريعة.

وتأثرت أيضًا بمنهاج الشيخ محمد رشيد رضا، لأنه - رحمه الله - جيد في عرض المسائل وفي تحرره الفكري، وإن كان عليه بعض الأخطاء، ولا أحد يسلم إلا لمعصوم، ولكن على كل حال له أثر في منهجي في تحقيق المسائل أو ما أشبه ذلك.

تعليقات

{{comment.UserName}} {{comment.CreationTime | date : "MMM d, y - h:mm:ss a"}}

{{comment.Description}}

إضافة تعليق

;